المرصد الوطني للإدارة العمومية باب من أبواب الإصلاح الفعلي للإدارة المغربية

المرصد الوطني للإدارة العمومية باب من أبواب الإصلاح الفعلي للإدارة المغربية

 

عبد الكريم جبراوي: في خطابين متتابعين لجلالة الملك ، يستحوذ ملف الإدارة العمومية والتدبير الإداري بهذا المرفق على الحيز الأكبر ، وإن كان السؤال الأهم هو ماذا فعل المسؤولون من إجراءات ملموسة بعد الخطاب الأول ، وماذا سيفعلون بعد الخطاب الثاني ، ولو أن الأجوبة سارت بتداولها الألسن على محمل اللقاءات بمحاضرها والاجتماعات بتقاريرها ليبقى كل شيء موقوف التنفيذ إلى أجل غير مسمى …فهل الأمر صار يتعلق بعقم في إنتاج مخرجات الأزمة ؟ أم أن الأمر هو بالفعل نتيجة من نتائج تهميش وإقصاء الكفاءات الوطنية في هذا البلد الأمين 

      إن الإدارة العمومية المغربية يستشري فيها الظلم والتسلط والإقصاء الممنهج والتهميش المدروس الذي يفضي إلى ضياع وتضييع الحقوق.. وخلق وتكريس الفساد الإداري بكل أشكاله وتجلياته ، وبالتالي يتسبب كل هذا وذاك في حالات الاحتقان والغليان التي تتولد عنها أشكال متنوعة من الحركات الاحتجاجية .. هاته الحركات الاحتجاجية التي لا يمكن أن تكون لو كانت هناك مؤسسة مستقلة قائمة الذات تتولى تدبير الاختلافات وتعنى بحل الإشكالات التي تحدث ما بين المرتفقين والمرفق العمومي بكل إقليم من الأقاليم قبل تطورها ووصولها إلى الأنفاق المغلقة ، وما دامت هذه المؤسسة المستقلة غير متواجدة فإن المواطن المرتفق لا يجد ملاذا أو ملجأ إداريا يلجأ إليه لاستصدار حقه البسيط الذي لا يرقى إلى حد المحاكم الإدارية أو القضائية ، أو عبر التوجه إلى  السلطات المركزية بقصد تقديم ” الشكاية ” التي في غالب الأحيان لا تحرك فيها المساطر القانونية وإنما يتم الاكتفاء إزاءها فقط – وفي حالات نادرة جدا –  باستفسار الإدارة المعنية ،  ويعتمد فيها جواب هاته الأخيرة حتى وإن كان زيادة في تكريس الظلم أو الشطط  ، بينما لا يتم الاتصال بالمشتكي ولا يؤخذ منه تعقيب على جواب الإدارة المعنية  ..

    فالمواطن المرتفق للمرفق العمومي يتعرض لأنواع من الظلم والإهانة ، فقد لا يستجاب لطلبه ولا يقدم له تبرير معقول وقانوني لذلك ، وقد يضيع حق من حقوقه إهمالا أو تسيبا تحت أي ظرف من الظروف وبسبب من الأسباب ، وقد يمارس عليه الابتزاز شكلا أو مضمونا ، وقد يتعرض لشطط واستغلال النفوذ فتهان كرامته وإذا تكلم كان الخاطئ المذنب ، و……، فلمن يقدم شكواه داخل ذات الإقليم على صعيد الإدارة مصدر الإجراء أو التصرف غير القانوني ..

     من هذا المنطلق  ، ندعو مرة أخرى إلى اعتماد مؤسسة جديدة تحت مسمى ” المرصد الوطني للإدارة العمومية “ ، وهي التي أشرنا إليها في العديد من المناسبات والمقالات وأعطينا تصورا أوليا هيكلة وأهدافا وغايات واختصاصات كإحدى الأذرع القوية للوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية ، مرصد وطني له تمثيليات على صعيد كل إقليم ، ينتقى الموظفون العاملون به من موظفي الدولة على سبيل الإعارة أو الوضع رهن الإشارة كموارد بشرية مؤهلة ولها خبرة إدارية كبيرة بعيدا عن كل الإسقاطات عبر المناطيد ، على أن تكون تدخلات هذه المؤسسة على مستويين : مستوى وقائي يعنى بالتحسيس والتكوينات القبلية والمستمرة والبعدية ، ومستوى تقويمي /علاجي يختص بالمواكبة وإيجاد الحلول والتدخل المنصف للمواطن بما تكفله القوانين الجاري بها العمل ، وشريطة أن تكون أعمال هذه المؤسسة مراقبة بكل حزم وصرامة من طرف الوزارة الوصية  وموضوع مساءلة فصلية من طرف البرلمان بغرفتيه .
..
 Jabraoui2013@yahoo.com

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *