سلسلة أحداث ومواقف.. ثقافة الاعتراف (الحلقة 10)

سلسلة أحداث ومواقف.. ثقافة الاعتراف (الحلقة 10)
عبد الكريم جبراوي

كانت إحدى حدائق المدينة مشهورة باسم حارسها النشيط، ذلك الرجل الذي بلغ الثامنة والخمسين من العمر تراه يتنقل في كل فضاءات الحديقة وكأنه ابن الثلاثين، لا يمل ولا يكل ولا يصيبه العياء ولا التعب، يصيح في وجه من يتعدى على النباتات، ويرشد من يحتاج توجيها صوب ركن من أركان الحديقة الممتدة الواسعة، ويساعد ذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال الصغار في صعود المدارج، يبتسم في وجه الجميع بوجهه البشوش المحبوب.

وبمناسبة رأس السنة، و سيرا على النهج المعتاد، احتضنت فضاءات البلدية عدة خيام نصبت لهذه الغاية في حفل بهيج ، وأراد المجلس البلدي أن يقدم هدية لهذا الرجل الخدوم ، مثله مثل عدد من الموظفين أحيلوا على التقاعد أو قاموا بإنجاز معين خلال السنة  ، وحضر الحفل  كبار شخصيات المدينة ومنتخبوها، حيث نشطت فقرات هذا الحفل فرقة موسيقية من ذات المدينة .

ولما حان وقت تقيم الهدايا للمحتفى بهم، كان كل واحد يتقدم الى المنصة وتسرد في حقه عبارات التنويه بالخدمات التي قدمها عبر مساره المهني، وكان أولهم حارس الحديقة الذي قيل في حقه الشيء الكثير باعتباره الرجل الذي حمل عبء مرفق عمومي لوحده على مدار أزيد من ثمانية وثلاثين سنة وجعلها مرفقا ذا جاذبية وجمالية تستقطب المرتفقين من كل حدب وصوب، وكم كانت فرحته عارمة لما تم الإفصاح من رئيس البلدية عن هديتها لحارس الحديقة والتي كانت عبارة عن شقة مفروشة وبكل أنواع الأثاث في وسط المدينة تجسيدا لثقافة الاعتراف.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *