يا خليلي.. هل قد شاخ الوطن

يا خليلي.. هل قد شاخ الوطن

أحمد المعطاوي

أيّــما يمّــمت رأيت الشك بألف جناح يرفرف.. ورأيت ثمة تشاؤما يحوم حومان الجوارح تنتظر فراغ

الأسود من مغادرة مخلفات الفريسة المنتشرة في النواحي.. وترى القيم مجرد ظلال على جدار كهف

من كهوف زمان..  
هذه الأدواء ونحن نراها قد غطت ربوع الوطن نقول قول الناس بتصرف: إن الوطن قد شاخ..

الشك والتشاؤم وسقوط القيم في وادي النسيان ثلاث صوى/علامات تعلن إعلانا سافرا، إعلانا حقا بشيخوخة أي وطن.. والسؤال من وما وراء هذه الصور الكئيبة التي نراها قد غزت وطننا الجميل،
وطن الجبل على السهل على الصحراء على المحيط على البحر الأبيض المتوسط على الأنهار على

الجو الشاعري على الشباب في أوج العطاء؟

وهل يكون الجواب: إنه الجهل والتفقير وسياسة التجويع وإثقال الكاهل بلزوم ما لا يلزم ودهس الكرامة وقتل الإرادة ووأد الحرية وإفراغ الدين من كل مقدس بالأيادي الأنانية المستعلية التي لا تحب لإنسان هذا الوطن والوطن معا وعقلية القطيع التي تمشي مشي الموتى الأحياء تحت نعالها..

(لنتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت)،

بهذه الأسباب أو بأخرى فعلت فعلها وعجلت بالوطن إلى أن يعانق الشيخوخة بفرح وانتظار ذلك الذي يأتي ولا يأتي

ويا للعجب كيف يشيخ وطن لبناته شباب على شباب حتى أصبح كسمك يتخبط خارج الماء.. خارج الزمان.. خارج المكان، وطن يعيش الانفصام بإختصار.

كثير من ماء الظلم والجهل والتفقير قد جرى ويجري تحت جسور هذا الوطن الأبي الذي، لا أبا لك،

لا أبا له يحميه (أقصد بالأب: إقتصاد حق وسياسة حقة وثقافة حقة ودين حق) هذا الوطن الفواحة بساتينه لو سقيت بحق بذمة وضمير، الزرقاء سماؤه، الشامخة قممه قامات إنسانه لو أعطيت الفرصة بحق، المترامية دماء شبابه كترامي مياه محيطه ومتوسطه 
لكن كل هذه الخيرات في خبر كان تنتهي وفي جيوب من لا يعشق هذا الوطن المشمس بحق..

وسيبقى وطننا المسكين مسكينا وقليلا وعاجزا وعجوزا بين الأوطان، يبقى كقرد عار يجوب الفراغ جيوبه، يقفز من غصن مهشم إلى آخر أكثر تهشيما، غصن التربية خاو، وغصن التعليم الذي يشبه العسل الأسود، وغصن الصحة المعلول، وغصن العدل المكسور، وغصن عدم التخطيط الدقيق
والحب الوثيق والإيمان العميق لهذا الوطن

قال تعالى” يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم” وإنّ ظلال مشاعر هذه الآية الكريمة والحكمة البالغة فيها حال من يريد لهذا الوطن الخير ويريد له أن يكون أمة منارة بين الأمم

خلاصة القول: وطننا المغرب أو الماروك بلسان الأجنبي إنه وطن كطائر العنقاء الأسطوري لن يشيخ، بل إنه فقط يعيش بزمن الباروك وللتوضيح (كلمة الباروك ذات أصل برتغالي، وهي تعني، لؤلؤة غير منتظمة – رواية عالم صوفي -) وعندما لا نقارنه بالباروك فلن نقارنه بزمن النهضة بما أن النهضة تعني الولادة مرة ثانية، وأنّــى لأحد أن يدّعي أن هذا الوطن يعيش ولادة ثانية، وبالطبع لن نقارنه بالزمن الحاضر لأن في الحاضر قُـضِي على الإنسان أن يكون حرّا ويعيش حرّا (لنتذكر: أحلى معنى للحرية: أنت حر ما لم تضر..) وها نحن نراه على هذا التراب لا حرّا ولا يحزنون

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *