وطن الشمس.. عن الشمس يتوارى

وطن الشمس.. عن الشمس يتوارى

 بقلم: أحمد المعطاوي

ذات مرة، قرأت أن الفيلسوف ديوجين كان لا يملك إلا معطفا وعصا وكيسا لخبزه، وذات يوم، كان يجلس أمام برميله يستمتع بالشمس فزاره الإسكندر الكبير وسأله: هل ترغب في شيء (ليأتيه به)

 فأجابه ديوجين: أحب حقا أن تخطو خطوة جانبية لتدع الشمس تلمع أمامي
وذات ليلة، جاءني وطني بالمنام على صورة هذا الديوجين الفيلسوف يحمل معطفا وعصا وكيسا لخبزه، لكن رأيته يختبيء من الشمس 
ترى لماذا؟ وهو المصاب بهشاشة التعليم وهشاشة الصحة وهشاشة توزيع الأرزاق بعدالة وهشاشة المثقف وهشاشة هوية الإنسان فيه .. هشاشة على هشاشة ويهش وطني بهشاشته على ساكنيه كما يشاء وله في هشاشته مآرب أخرى لا تستحق أن تذكر إلا في الأعياد وما أكثرها أعياد وطني، وإنه دوما يرفع شعار من قال: ما أكثر الأشياء التي لا أحتاج إليها
جاء في تأويل العصا الاستعانة بقوي والظفر بالعدو وسيكثر مال من يحملها، فإذا انكسرت العصا كان ذلك دليل متاعب.. ولا أذكر هل أصاب عصا الوطن كسر ما في الحلم أم لا..؟ حقا، لا أذكر

وجاء في تفسير المعطف أنه يدل على العمر الطويل ويعكس مبدأ الحماية والأمن.. وإن كان في واقع وطننا فقط صورة الأمن ولا أمن ولا أمان منذ أن خرج ولم يعد ذلك الروح المطلوب في الإنسان الذي يمشي الآن مائلا على ثراه الطاهر والذي نراه منحلا ساقطا على الطريق، إلا من رحم الله وقليلا ما هو

والكيس رمز لسر صاحبه، ولوطني أسراره المخبوءة تنتظر متى تكشف نعمائها على يديه تحتاج الإنسان(رجل أو إمرأة أو شاب أو شابة) شعاره القوة والأمانة إن خير من استأجرت القوي الامين

( قرآن) والحفظ والعلم إني حفيظ عليم( قرآن) هذه الرباعية إذا أخذت بحماس وصدق، وكانت كأضلاع مربع في كيان وسلوك هذا الإنسان المنتظر وإن بعد لأي/تعب

والشمس في الحلم نعمة وبركة والاختباء منها كأن لا رغبة لهذا الوطن في بلوغ أشده وأن يشب عن الطوق كما شب زيد عن الطوق في المثل السائر،وطن الشمس يتوارى عن الشمس

– وإن كانت الشمس يا وطني، الشمس التي إذا دخلت بيتا لا يدخله الطبيب كما يقول المثل
– وإن كانت الشمس دواء لكل أدواء الهشاشة 
) – وإن كانت الشمس حرية يجب أن تشرق في كل نفس (المنفلوطي 
– وإن كانت الشمس هي من تنضج لك أعنابك/أعمالك 
 – وإن كانت الشمس من تدفئ دارك في غياب نارك
– وإن كانت الشمس كما قال أحدهم: أينما ذهبت، و كيفما كان الطقس، فاحرص دائما على أن تصطحب معك ضوء الشمس الخاص بك
– وإن كان.. في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل (أبو الطيب المتنبي 
 – وإن كان “لكي تقهر العنف عليك أن تعظ المحكمة بفلسفة الشمس”( إحسان نراغي)
 – وإن كانت.. ثالث الأثافي التي تنشط القريحة بالإضافة إلى الحركة والهواء كما يؤمن بذلك

المعلم أرسطو

– أنا وطن على شفا جرف هار، بلا أمجاد أنا تذكر.. أنا في الأصل أرض فيحاء، وإنها كم تحجبني من ظلال وأشباح
هكذا أجاب ثم بكى المسكين بكاء ثكلى، بكاء مرا، بكاء بمرارة الرمد 
ربت على كتفه حين بكى وقلت له ما قالت هيلين كيلر ذات يوم، ذات شهر، ذات سنة: وجه وجهك لأشعة الشمس وسوف لن ترى الظلال.. وردد دوما أفخر بيت غناه العرب إني إذا خفي الرجال وجدتني/ كالشمس لا تخفى بكل مكان.. وتذكر: أنّ المرء، إذا اشتدَّت كآبته أحبّ أن يرى الشمس عند غروبها (مؤلف الأمير الصغير) فكيف بك تختبئ من الشمس اختباء الخفاش 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *