هيمنة فرنسا على اٍفريقيا

هيمنة فرنسا على اٍفريقيا
محمد بونوار : كاتب مغربي مقيم بألمانيا

ما وقع في دولة بوركينا فاسو الافريقية ماهو اٍلا نتيجة هيمنة فرنسا على الواجهة السياسية لكثير من الدول الافريقية.

في نفس البلد وقبل نصف سنة وقع انقلاب عسكري، لكن الرئيس لم يعمر طويلا، حيث قامت جماعة مسلحة بانقلاب آخر استولت على الحكم بسرعة، ولاذ الرئيس المغلوع بالفرار الى ثكنة عسكرية فرنسية فوق أرض بوركينا فاسو ، ومن هنا يظهر جليا أن تواجد فرنسا في كثير من الدول الافريقية لا يخدم الديموقراطية التي تتبجح بها في خطاباتها، قدر ما تبحث عن مصالحها والتي تتلخص في الاستحواذ على الثروات الافريقية.

لائحة الانقلابات في دول افريقيا طويلة، لكن موضوعنا اليوم هو التداعيات التي تخلفها الانقلابات على الحياة العامة، حيث تبتدء بالحذر التجوالي وتنتهي بالمجاعة والنزوح الى دول الجوار، وبعدها يعم الفقر وتتفشي الامراض والفوضى في الحياة العامة، ويكثر الاضطهاد ، وغالبا تنقسم البلاد الى فرق ، وتنشب حرب أهلية تمتد لسنوات طوال.

تقع هذه الجراءم على مرئى العالم، ولا أحد يحرك ساكنا بما فيها هيئة الامم المتحدة والتي تكتفي بخطاب تندد فيه وضعية الامن وتدعو الى الحفاظ على سلامة المواطنين، ولا تدعو الى عقد اجتماع عاجل للتدخل السريع لحماية المواطنين من بطش العسكر المدعم بقوى أجنبية.

هذه الانقلابات بدأت رائحتها تزكم الانوف، وبدأت ثلة من الافارقة يعرفون حق المعرفة من يقف وراءها وما الغرض من تكرارها في كل دولة حسب برامج مضبوطة تحكمها المصالح وفي مقدمتها الاستحواذ على الثروات الظاهرية والباطنية، وكذا التبعية السياسية وهو ما يعني الاملاء والتطبيق بدون مناقشات وبدون معارضة.

في ظل هذا الجو الضبابي والذي يمكن اعتباره ضرب من ضروب الاستعمار الجديد، لا يمكن الحديث عن التنمية والديموقراطية ولا يمكن الحديث عن الامل في تحقيق الحياة الكريمة، لأن الشغل الشاغل في هذه الظروف يبقى هو الاستلاء على الحكم، وللوصول الى هذا الهدف يبدأ التقرب الى قوة خارجية لتمويل الانقلاب.

وبالنسبة للقادة الذين استولوا على كرسي الرئاسة عن طريق الانقلاب ، يبقى همهم الوحيد هو الامضاء على الاثفاقيات والمعاهدات التي تخول للمستعمر استغلال المناجم ، والآبار، والاراضي من خلال عروض تفضيلية.

وفي ظل هذه الظروف ولاستمالة الطبقة المثقفة، تفرض دولة فرنسا على دول التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية، تفرض سياستها وبرامجها و لغتها في المدارس والاذاعات والجراءد والمجلات والادارات ، ومن هنا يصعد ما يسمى بنمط العيش الفرنسي في عقلية كثير من الجمهور الافريقي، ومن هنا يبدأ أيضا الترحيب بالتواجد الفرنسي في عقلية المثقفين المتشبعين بالثقافة الفرنسية ، وهناك منهم من يكن لهم الولاء والطاعة ولو أن ذالك يسير عكس مصلحة البلاد .

مؤخرا ظهرت في الافق نخبة من جاليات بعض الدول الافرقية درست بفرنسا وتعمقت في العلوم والسياسة ، وأصبحت تنادي فرنسا بالابتعاد عن الدول الافريقية التي تهيمن عليها بشكل مباشر سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهناك خطابات من مثقفين أفارقة في نفس الموضوع تم طرحها أمام الرئيس الفرنسي الحالي تشرح كنه التواجد الفرنسي في افريقيا وتصف فرنسا أنها تستغل الدول الافريقية وتمنع التنمية وتعيق عجلة التعاون والتقارب بين الدول الافريقية.

ليست فرنسا البلد الوحيد الذي يطمع في استغلال خيرات افريقيا، بل يجب الاقرار أن دولة روسيا لها نصيب أيضا في هذا الشأن، هاتان الدولتان واللتان تعتبران من القوى العظمى نظرا لتواجدهما في لائحة الدول العظمى و التي لها حق الفيتو في هيئة الامم المتحدة ، وهذا المعطى بدأت بعض الدول الافريقية تستغله لصالحها في قضايا كبرى يمكن تصنيفها في خانة ما يسمى بالجيو- سياسية. وهنا لا يمكن أن نمر مرور الكرام على مشكلة الصحراء المغربية والذي طال أمده ولم يستقر على اتفاق دولي صريح .

وعلى ذكر الصراحة تقدم المغرب بما يسمى بالحكم الذاتي في الاقاليم الصحراوية المسترجعة من دولة اٍسبانيا سنة 1975، ونتج عن ذالك أن دولا رحبت بالفكرة ، وأخرى اكتفت بقرارات الامم المتحدة في الموضوع ، فيما بادرت دول أخرى غالبيتها افريقية الى فتح قنصليات بالاقاليم الصحراوية .

قد يكون المغرب هو الدولة الافريقية الأكثرتفاعلا مع السياسة التي تنهجها فرنسا في قضايا اقليمية وفي مقدمتها الصحراء المغربية حيث لم ترحب فرنسا بمشروع الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب منذ البداية ، لكن هذه المرة أشتد الصراع السياسي ، وهو الامر الذي جعل فرنسا تحاول طرح مشكلة الصحراء المغربية فوق طاولة الاتحاد الاروبي ، لكن المغرب لم يقف مكتوف الايدي حيث بدأ يخطط لتعويض اللغة الفرنسية باللغة الانجليزية في المدارس والجامعات المغربية ، وهناك برامج في الطريق تفضي الى الاستغناء عن خدمات الشركات الفرنسية المتواجدة فوق الثراب المغربي.

كما تجد الاشارة أن المغرب هو البلد الوحيد الذي يضاهي فرنسا في الاستثمارات الافريقية ودول الساحل ، ولهذا السبب يمكن التنبئ بأن الصراع بين البلدين مرشح أن يرتفع في الايام القادمة ، وذالك لاعادة تقسيم الادوار حسب النظام العالمي الجديد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *