شفيق بوهو الشاعر.. صائغ غواية من كلمات

شفيق بوهو الشاعر.. صائغ غواية من كلمات

إنها شذرة قد تبهرك وأنت تقرؤها وتبهرك وأنت تعيد قراءتها مرات ومرات، كما أبهرتني 
ومن قال أن الوزن يصنع الشعراء فليقرأ هذه الشذرة لينسف ما علق بالأذهان على مر الزمان أن تعريف الشعر كلام موزون
شذرة أتوهمها غجرية تقرأ كف شاعرنا شفيق بوهو وترتل على لسانه إيقاع نبضات قلبه الخافق الخالق أزهارا من المعنى مثنى وثلاث ورباع، وتحكي بلغته التي يغرفها من عمق القراءة والخبرة والممارسة والتأمل، وإذ أختصر أقول، لغته التي قدها من حجر زاوية كلام الشعر والنثر والناس والحياة، الحياة الجميلة التي هي هبة الحكمة بتعبير القول اليوناني المأثور 
والشذرة هي كالتالي:

ورُغم الأسى ما زالت تعاسة الخافق تُزهر
يا خريف العمر الباهض، خفّف علي الوطء فإني هشاشة تُعمّر
يغازلني الغدير المغادر
وكوخ من قش الضنى، وأحب التلال
أكاد أنقضي في الكلمات المتعترة في صوتي نهارا، وأحب الهلال
على ما مضى مني سلام، 
وسلام على ما سيجيئ مُنقضي، وأحب الظلال

كلمات الشذرة منتقاة كأحداث يؤدي أحدها إلى آخر كما في التراجيديا، وتنوس بين المحتمل والممكن
والمعاني التي تزخر بها تترقرق ترقرق الماء بالوادي والدمع بالهدب الباكي 
والاستعارات أريجها بعضه فوق بعض إذا تنسمت بصبابة وشوق عطرت المكان لحظة التنسم
وسطورها تتزيى بلون الأسى وتلبس الحزن نغما وإيقاعا وتتشبت تشبت الأعمى بعصاه
بالآتي عبر هشاشة الإبداع الذي يعمر إلى ما شاء الله
وروح الشاعر فيها تحن إلى الأم/الطبيعة المتمثلة في الغدير والكوخ والتلال والليل والنهار والهلال ، تحن تحنان محمود درويش إلى قهوة أمه/أرضه (من باب العلم بالشيء: شفيق بوهو الشاعر يعشق الشاعر محمود درويش عشق الصوفي للذكر ومكانته عنده كمكانة زهرة اللوتس لدى معلمي الزن)

روح شفيق بوهو الشاعرة بحق كورد يفوح شذى، تفوح هي سلاما على ما مضى منها في القراءة ومعافسة الدنيا يمينا ويسارا وعلى ما سرها سرورا أو ضر بها إضرارا وتفوح أيضا سلاما على الآتي من دموع أو ضحكات ولو مسروقات كقبلات مسروقة أو سلاما على ما يأتي من إبداع

إنها- هذه الشذرة – تبدو ككائن حي كامل في ذاته، في نفس من أخرجها إلى الوجود رغم أني أحسها لا تزال تريد أن تغني وترقص وتقول أشياء وكلمات أخر حتى تشع بالكامل لتنثر كل المتعة خاصتها لمن جاد عليه الزمان أن يلتقي بها منتشية فوق ربوع تلال كتاب أو على جدار أزرق وتحت ضوء الهلال حين تتلاشى الظلال

هذه القراءة مجرد دليل رحلة في هذه الشذرة والدليل لا يغني كما يقولون عن الرحلة، عن القراءة للشذرة والرجوع إليها ، الدليل لا يغني لكنه قد يسمن من جوع كحافز للغوص فيها، في أجواءها البرانية، وفي عمق موسيقى روحانيتها 
ولا أضيف إلا أنها شذرة كلها على بعضها ألحان حزينة كأغنية فادو البرتغالية الثرى تخلق إمتاع، بهذا الإمتاع يحدث تطهير من انفعالات-بحسب تصور أرسطو- زكت الشاعر أثناء إبداعها
وتزكي القاريء إذا يقرؤها بمحبة وتأمل.. لحن حزين ينتهي بسلام كجنة أكلها دائم وظلها

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *