سلسلة أحداث ومواقف.. درس من سكان قرية (الحلقة 7)

سلسلة أحداث ومواقف.. درس من سكان قرية (الحلقة 7)

كانت الطرق في القرية كلها حفر وأشواك، وكل جنباتها مليئة بالأزبال والقاذورات المتراكمة التي تزكم الأنوف، وكان الناس يجدون صعوبة في التنقل عبرها أو المرور منها، وكان السكان كلما اجتمعوا في مناسبة ما إلا وتركز حديثهم على ما آلت إليه أوضاع قريتهم والسبات العميق الذي تغط فيه السلطات المعنية التي لم تحرك ساكنا رغم العديد من الشكايات والاحتجاجات.

اجتمع عدد من سكان القرية ذات يوم تحت ظلال شجرة وارفة بالقرب من ضفة الوادي، وشرعوا يتكلمون عن مآسي قريتهم والأضرار التي تلحق بهم وبعرباتهم، وعن الأمراض المعدية التي بدأت تنتشر في صفوف صغارهم جراء كثرة الجراثيم والمكروبات التي تنقلها الحشرات إلى أجسادهم ، وعن المسؤولين الذين لا يعيرون أي اهتمام لمعاناتهم وانتظاراتهم ورحلتهم المعتادة التي تطول بطول فترة المدة الانتدابية ولا يضعون أقدامهم في القرية إلا كلما قربت الانتخابات، حيث تلين قلوبهم ويتنزل عليهم التواضع والسخاء من حيث لا عين تراه ولا أذن تسمع صداه.

أفرغ كل واحد ما بصدره من مؤاخذات عن الوضعية التي صارت عليها قريتهم، وبعد كثر الأخذ والرد في الحديث والكلام، خلص الجمع إلى إحداث خلية منهم لتنظيم العمل بحيث تكلفت مجموعات صغيرة حسب مقاطع معينة بغمر الحفر بالحجارة والأتربة التي تعهد أحدهم بجلب أربع شاحنات منها والإضافة متى كانت الحاجة إلى ذلك، في حين تكلفت مجموعات أخرى بجمع الأزبال وتنظيف الطرقات والمدارات والساحات والفضاءات الخضراء.

 شرع الجميع في العمل حسب التاريخ والتوقيت المحددين، وما كادت شمس ذلك اليوم الأول تغيب حتى كان وضع الطرقات بالقرية يتغير بشكل متسارع ازداد مع منتصف اليوم الموالي، ولما أشرف العمل على الانتهاء وأخذ الجميع يتقاطرون على خيمة كانوا قد نصبوها للاحتفاء بنهاية عملية التطوع، وكم كانت دهشتهم كبيرة لما لاحظوا حضور بعض المسؤولين ببذلاتهم الأنيقة وربطات العنق، فأجمعوا رأيهم على التصرف معهم بطريقة تشعرهم بتساوي وجودهم مع عدمه وإشعارهم بأن أصواتهم لن يمنحوها إلا للذين لهم غيرة حقيقية على القرية..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *