حكاية قائد (السبسي)

حكاية قائد (السبسي)

انتقلت إلى ذمة الله إحدى النساء الخيرات خالة أحد أصدقائي، ذهب هذا الصديق إليها يوما قبل موتها،  
قدموا له مصحفا وبدأ يقرأ ما تيسر  من سورة يس..”يس والقرآن الحكيم“، التي قال فيها الرسول الكريم أنها قلب القرآن وأمر صلى الله عليه وسلّم أن تقرأ على موتى المسلمين

وإذا بشخص مليء وتبدو عليه أمارات الصلاح والتقوى بيده قنينة ماء، ودخل في القراءة بصوت جهوري يليق بالتغني بكتاب الله الكريم، فما كان من صديقي إلا أن يترك له عنان القراءة وتواضع أمام إقدام هذا الجهوري الصوت حتى إنتهى وختم بالدعاء ورش بالماء المستلقاة على فراش الموت

في اليوم التالي، يوم انتقال الخالة إلى رحمة الله، عاد صديقنا إلى هناك فدخل فجأة على قريبه وهو بصحبة نفس الرجل المليء إياه، فإذا به يلتزم سبسيا، الأداة الأساسية لتدخين مادة الكيف، والتي تنتشر إنتشارا في هذا الوطن حتى أنها امتدت يدها العاصية إلى بعض حملة كتاب الله، لا ندري كيف أصاب هذه القلوب التي ملأها النور أن ترتكس إلى الظلام فهل كما يقال (عندما يخاف الإنسان فإنه يرتكب ما هو محرم ليريح القلب..)

والحق يقال  أن إنسان هذا الوطن رضع الخوف بكل أنواعه التي نعرفها والتي لا نعرفها، رضعه وشربه بعد الفطام مع الشاي المنعنع وخبز الشعير، كان ينام به إذا أراد النوم وكان يصاحبه- هذا الخوف- كظله في الذهاب والإياب، أقول هذا والأصل أن لا نغسل الجنابة بالبول كما يقول أهل العلم

المهم بالليل جمع هذا الرجل فرقة لإقامة حفل التأبين، والتأبين في أيامنا تغير مع ما تغير من عادات فالأشياء على حالها لا تبقى كما الكل يعلم، صار يقام بأناشيد تصب في المناسبة وقراءة القرآن وشيء من موعظة باتت لا تحرك القلوب أو تعصر المشاعر فهل لأنها لا تخرج إلا من اللسان وبالتالي لا تتجاوز الآذان
كان صاحب صديقنا يصول ويجول في ميدان حفل التأبين، كان قائد المجموعة والجمع أيضا،بامتياز لكن ويا للأسف، بعدما تقصى صديقي أمره وأمر المجموعة وجد أغلبها مدمينين على شرب الكيف، فهل  تراهم يشجعون المنتوج الوطني؟ الكيف الذي أداته بامتياز هي السبسي، ذلك العود الأجوف الذي يخدر الرؤوس الجوفاء برضاها وكأنه يوصلها إلى نيرفانا رياضة أهل اليوغا، فاستحق الرجل المليء وذو الصوت الجهوري قائد السبسي بامتياز

ملاحظة: أي تشابه للأسماء فهو من قبيل الكلام  وحسب ظن الناس أن ليس في ذلك أي ملام

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *