الفوضى في مجال الصحافة و الإعلام… الحكومة حفرت حفرة فسقطت فيها، فلا داعي للعويل

الفوضى في مجال الصحافة و الإعلام… الحكومة حفرت حفرة فسقطت فيها، فلا داعي للعويل

إبراهيم عقبة

عرف الحقل الإعلامي فوضى قل نظيرها في أي قطاع من القطاعات الأخرى، حتى أصبحت مهنة الصحافة مهنة من لا مهنة له؟

الحكومة وبمعية المهنيين في الصحافة و الإعلام وضعوا مشروع قانون وتمت المصادقة عليه في البرلمان بتاريخ 15 أغسطس/ غشت 2016، إلا أنه ومنذ ذلك التأريخ، و لحد الآن لم يطبق منه أي شيء على أرض الواقع؟

مئات المواقع الإلكترونية غير القانونية لازالت تشتغل في واضحة النهار، وتتسابق مع المواقع القانونية.. بل هناك من قام بملاءمة العشرات من المواقع الإلكترونية، يعني شخص حصل على بطاقة الصحافة بطرق ملتوية، ودبلوم من مدرسة للصحافة وليس كما هو محدد في المادة 16 من القانون 88/13 ، و كلما طلب منه صاحب موقع أن يقوم بملاءمة موقعه إلا وقام بذلك، سواء بمقابل مادي، أو بدون مقابل، وهذا ليس خاف على أحد؟

المادة 16 من القانون السالفة الذكر تحدد على سبيل الحصر الشواهد المعترف بها من أجل الحصول على بطاقة الصحافة و الملاءمة، :”شهادة من مستوى الإجازة، أو دبلوم من معهد عال للصحافة عام أو خاص، وهناك تعديل بأن من حصل على بطاقة الصحافة المهنية عشر سنوات من حقه الحصول على البطاقة المهنية..

لكن الواقع يكذب ذلك، العديد من الأشخاص لهم مستوى الإعدادي وحصلوا على بطاقة الصحافة، كيف؟ لا ندري، علمها عند الساهرين على ذلك؟

شهادة الإجازة لا غبار عليها، أما دبلوم من معهد عال للصحافة عام أو خاص فهو على سبيل الحصر، ولكن أن يتقدم شخص بدبلوم من مدرسة أو معهد يدرس إحدى مواد الصحافة ولا تتوفر فيه صفة معهد عال، فهنا يجب التوقف؟

ثم إن المادة 15 من القانون 88/13 تقول: “يجب أن يكون لكل مطبوع دوري أو صحيفة إلكترونية أو أي دعامة إلكترونية أخرى طبقا لما ورد في المادة الثانية مديرا للنشر.

وبالرجوع إلى المادة الثانية من قانون الصحافة والنشر نجده فصلها وحددها كالتالي:

كل مطبوع كيفما كانت لغته في نشر الأخبار في شكل نص أو رمز أو صورة بيانية معينة، أو أفكار، أو معلومات، أو صور أو رسوم أو تخيلات، أو تعاليق على أحداث واقعية أو متخيلة. سواء كان منشورا أو متاحا للجمهور بطريقة أخرى على أي دعامة موجهة للعموم أو فئات منه، أي كانت جهة أو مكان إصدار، ويعتبر المطبوع دوريا إذا كان يصدر على فترات زمنية منتظمة..

بمعنى أن قنوات اليوتوب، وصفحات الفايس بوك يجب أن يكون لها مدير للنشر حاصل على الملاءمة تتوفر فيه شروط المادة 16 من القانون 88/13.

الدولة ليس واردا في نيتها محاربة هذه الفوضى والتسيب المنتشر في الحقل الإعلامي، وهي تساهم بطريقة أو بأخرى في بلطجته.

إذن مادام الأمر كذلك، ومادام أن الدولة عاجزة عن تطبيق القانون الذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ غشت 2016، فلا يمكنها أن تتباكى على أن هناك فضائح و أفعالا ذميمة تقع في المجال الصحافة و النشر..

 نعم هناك من لم يتقيد حتى بأدنى أبجديات أخلاقيات المهنة، و همه البحث عن الشهرة و الأرباح على حساب مصلحة الوطن.

المجلس الوطني للصحافة أصدر بلاغا مؤخرا في نفس الموضوع، ومما جاء فيه:

أنه “يتابع بأسف شديد بعض الممارسات المشينة، التي صاحبت تغطية محاولات إنقاذ الطفل ريان، الذي سقط في بئر بإقليم الشاون”، مسجلا “العديد من الخروقات المخالفة لميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، والتي تم ارتكابها من طرف بعض الصحف الإلكترونية، في تجاهل تام للمبادئ الإنسانية التي يتضمنها الميثاق المذكور”.

وشدد على أن المقاولات الصحافية والصحافيون المهنيون، “كان من المفترض أن يلتزموا بهذه المبادئ، خاصة في ظل أزمات وفواجع، لا يمكن أن تتحول، بأي حال من الأحوال، إلى مجال للربح المادي والإثارة الرخيصة لزيادة عدد المشاهدات وغيرها من أساليب المتاجرة في المآسي الإنسانية”.

الدولة قادرة إن أرادت أن تقطع دابر الفوضى و التسيب، ولكن مادام أنها غير مستعدة على الأقل في الوقت الحالي لضبط وردع الفوضى في مجال الصحافة والنشر، ومادام العمال و الولاة يجلسون جنبا إلى جنب مع هذه الفئات، فلا يمكن لها أن تتباكى، أو  تصدر العويل و الشكاوى، ولها أن تتحمل تبعات تصرفاتها.

لأنك ما دمت تترك أشخاصا غير مؤهلين فكريا، و علميا، و مهنيا، و حصلوا على وثائق بطرق يعرفها الجميع، فلا يمكن انتظار إلا الممارسات المشينة، والمتاجرة بالمآسي على حساب الوطن باسم الصحافة؟

وينطبق على الحكومة المثل القائل: ” من حفر حفرة سقط فيها”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *