الحكومة مطالبة بمنح رخص استيراد اللحوم و الوقف الفوري لتصدير العديد من الخضروات من أجل تخفيض الأسعار

الحكومة مطالبة بمنح رخص استيراد اللحوم و الوقف الفوري لتصدير العديد من الخضروات من أجل تخفيض الأسعار
افتتاحية: إبراهيم عقبة

تعرف الأسواق المغربية ارتفاعا مضطردا في العديد من السلع الأساسية منها الخضار واللحوم، و التوابل بسبب عدم تدخل الحكومة لكبح جماع المضاربين الجشعين.. وعندما ترتفع أسعار البطاطس وهي الوجبة الوحيدة المتبقية للمستهلكين هناك أظن أن الضوء الأحمر قد اشتعل؟

فمنذ بدء ارتفاع الأسعار كانت الحكومة تتفرج على المواطنين وهم يتعرضون للنهب على يد من يحتكرون ويتحكمون في الأسواق..

أسعار البرتقال هذه السنة، عرفت ارتفاعا غير مسبوق على الاطلاق، حيث ظل يتراوح سعره في السوق بين 9 و 12 درهما للكيلو.. الطماطم ما بين 10 و 12 درهما، البطاطس التي وصلت بدورها إلى 10 دراهم، وهو سعر غير مسبوق على الإطلاق؟ و توالت الزيادات في المواد الأساسية.. منها اللحوم وغيرها، وهي أسعار لم تحصل حتى في السنتين من كوفيد؟

الحكومة ظلت طيلة شهور تتفرج على المواطنين وهم يسلخون علانية، بدأ المواطنون يئنون ويصرخون، وعجت مواقع التواصل الاجتماعي باستنكار ما يحدث خاصة مع سنتين من الإغلاق بسبب الوباء، و ما أعقبها من حرب بين روسيا وأوكرانيا..

الحكومة لم تتخذ خطوات استباقية لكبح جماع السوق، وردع “العصابات” التي تتجار بالقوت اليومي للمواطنين، و ظلت تتفرج على غرار الزيادات الصاروخية في البترول، ظنا منها أن المواطنين صبورين و متعودين على التحمل دون أن يحركوا ساكنا..

بدورهم العمال والولاة لم يحركوا اللجن المكلفة بمحاربة الغش والاحتكار ومراقبة ما يجري في الأسواق سواء داخل المدن أو خارجها ..

الحكومة “فاقت” متأخرة، وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة يوم أمس الخميس، أنه هذه الأخيرة ستتخذ جميع الإجراءات التي ستضمن التموين العادي والطبيعي بالمواد الغذائية، كما سيتم التدخل لمراقبة جميع نقاط البيع.

وشدد بايتاس، في معرض رده على أسئلة الصحفيين، خلال ندوة صحفية بعد انعقاد مجلس الحكومة، على أنه سيتم “الضرب بيد من حديد” وضبط جميع المخالفات المتعلقة بالمضاربة في أسعار المواد الغذائية، مبرزا أن أي مخالفة ستسجل في هذا الإطار ستكون موضوع متابعة قضائية.

وبخصوص اللحوم الحمراء، سجل الوزير أن الحكومة اتخذت إجراءين مهمين، يتعلق الأول باستيفاء رسوم الاستيراد المطبقة على هذه المادة، فضلا عن تعليق أداء الضريبة على القيمة المضافة، مؤكدا أن هذين الإجراءين ستظهر نتائجهما في القريب العاجل.

وبالنسبة للطماطم، أبرز بايتاس أن الكميات المزروعة خلال هذه السنة تفوق تلك المزروعة خلال السنة الماضية، مرجعا سبب ارتفاع أسعار الطماطم في الأيام القليلة الماضية لموجة البرد التي تعرفها المملكة، مشيرا إلى أن الحكومة ستتخذ كل الإجراءات من أجل خفض الأسعار، وبالتالي الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

خطوات يمكن أن تساهم في تخفيف وطأة غلاء لبعض المواد، إن طبقت بشكل سليم؟

هناك مشكل تعودنا عليه دائما، ونسوق نموذجا من المحروقات، مجلس المنافسة أقر بوجود مضاربات فاسدة، ورغم ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراءات رادعة، دول أخرى بادرت على الفور بإعفاء الشركات من الضريبة وبالتالي نزل سعر المحروقات إلى الأدنى، أما في المغرب، فإن الحكومة أقرت بأن الضريبة المرتفعة على المحروقات يتم ضخها في صندوق المقاصة، يعني طبقت المثال القائل “من لحيتو لقم ليه”؟

فبدل من أن تقوم بتخفيض الضرائب، ومنح المزيد من الرخص لاستيراد المحروقات، ظلت تتفرج، وتصر على أنها لن تتنازل عن الضرائب الباهظة التي تحققها من وراء الزيادة في أسعار المحروقات؟؟ ولم نسمع أن تراخيص منحت لوجوه جديد للاستثمار في سوق المحروقات؟
الآن عندما تقول الحكومة أنها اتخذت إجراءين هامين، بخصوص اللحوم الحمراء، تعليق استيفاء رسوم الاستيراد المطبقة على هذه المادة، و تعليق أداء الضريبة على القيمة المضافة.

هنا بيت القصيد، فمن ياترى سيستفيد من ذلك؟ إنها نفس العناصر التي تتحكم في اللحوم الحمراء في السوق، وهي عناصر معروفة تقوم بإنزالها عبر مينائي الجرف الأصفر، و الدار البيضاء، كان الأجدر بالحكومة أن تمنح مزيدا من رخص استيراد اللحوم الحمراء وترك الباب مفتوح لكل من يريد المضاربة في سوق اللحوم الحمراء، حتى تكون منافسة شريفة، وبالتالي سيضطر المتحكمون في السوق إلى خفض الأسعار مكرهين، أما أن نفس العناصر التي تقوم باستيراد اللحوم ستقوم باستيراده بطريقة تفضيلية، وإعفائها من الضريبة على القيمة المضافة، فحتى و إن تم خفض السعر، سيكون بطريقة محتشمة من أجل ذر الرماد، وبالتالي سيراكمون أرباحا خيالية، جراء التسهيلات التي تم منحها لهم من قبل الحكومة؟ وبالتوزيع على تجار التقسيط..؟ نتمنى أن يحصل العكس، ولكن عودتنا ظروف مشابهة بأن هذا الذي يحصل، مادامت الحكومة عاجزة عن ردع كبار المضاربين الذين يتخفون إما خلف البرلمان و أحزابهم السياسية، أو أي جهة أخرى يمكنها أن تغطي على احتكارهم للسوق؟

رئيس الحكومة قال يوم أمس الخميس في مجلس الحكومة، سيتم “الضرب بيد من حديد” وضبط جميع المخالفات المتعلقة بالمضاربة في أسعار المواد الغذائية، مبرزا أن أي مخالفة ستسجل في هذا الإطار ستكون موضوع متابعة قضائية.

نتمنى أن يحصل ذلك، دون أن تكون هذه الخطابات كسابقاتها، أي أنها مجرد مفرقعات.

ذكرنا في الأول أن الحكومة ظلت تتفرج على تعرض المواطنين للسلخ، نعم وهو كذلك، هناك إجراءات كان يجب اتخاذها منذ مدة، ويتعلق الأمر بمنع تصدير أنواع معينة على الأقل من الخضار و الفواكه، منها الطماطم والبطاطس، والبصل، والبرتقال، وهو مالم يحصل، ونتمنى أن تتخذ الحكومة هذا الإجراء سريعا، لأنه لايعقل، أن يكون هناك نقص حاد في الاكتفاء الذاتي من العديد من المواد، أو بالأحرى نقص حاد، وتسمح الحكومة بتصديرها إلى الخارج، مهما كانت الأسباب والمبررات؟ مواطنو البلد هم الأوائل، وبعد ذلك إن بقي فائض يصدر، هذا ما تفعله الدول التي تحترم مواطنيها.

يجب منح مزيدا من الرخص لاستيراد اللحوم، حتى لا يظل نفس المضاربين يتحكمون في السوق، منح مزيدا من رخص استيراد المحروقات، والفتح الفوري للشركة المغربية الوحيدة المختصة في تكرير وتجارة النفط “سمير” بالمحمدية بعيدا عن السياسة. ..؟؟

منع تصدير المواد الأساسية من الخضار و الفواكه، خفض الضريبة عن المواد الضرورية، محاربة الاحتكار، لأن هناك مجموعة تقوم بشراء السلع من الأسواق وبالتالي تتحكم فيه كما تشاء، وهؤلاء يجب اعتقالهم ومحاكمتهم، دون رحمة و لاشفقة..

يجب محاربة الغبن الفاحش، مقارنة سعر الشراء مع سعر البيع، وأي غبن فاحش يجب تعريض صاحبه للمتابعة، لأنه لايمكن السماح للتجار أن يربحوا ثلث سعر الشراء في المنتوج؟ وهذه جريمة شرعية وقانونية؟

ويبقى العنصر الأهم تحريك “الكتائب” التي تتحرك مع مصالحها، وهي لجان المراقبة، لأن العديد من العمالات و الأقاليم لايوجد لديها ما تقدمه بخصوص عدد أيام المراقبة والخروج إلى الأسواق، ومراقبة ما يجري وما يحصل، وعدد المخالفات المسجلة.. وكذا اللجان الصحية التي تتقاضى رواتبها دون أن تقدم أدنى خدمات..

على المغرب الحديث أن يتحلل من عباءة الصورة التقليدية التي طبعت عمله لسنوات خلت، ويجب تفعيل الفصل الأول من الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، ودون ذلك سيظل المغرب يدور في نفس النقطة المفرغة.

إن أخطر ما يهدد البلد هو الاضطرابات الاجتماعية، ولكن لايمكن تصور أن المواطنين سيظلون يتفرجون على العديد من “مصاصي” الدماء من المضاربين وهو يتاجرون بمصير قوتهم.. على الحكومة التحرك الفوري واتخاذ قرارات جريئة وصارمة، وإعطاء صورة نموذجية عن مغرب اليوم..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *