الدروس المستخلصة من اٍنجازات كرة القدم المغربية

الدروس المستخلصة من اٍنجازات كرة القدم المغربية
محمد بونوار كاتب مغربي مقيم بالمانيا

تتبعنا عبر قنوات التلفزة العالمية جميع مباريات الفريق الوطني المقامة في دولة قطر، وكان المغرب قد احتل الصف الأول في مجموعته، بعدما تجاوز دول اروبية لها تاريخ وسجل حافل في كرة القدم العالمية ، وبهذا يكون المغرب هو أول دولة عربية واسلامية وافريقية يصل الى النصف النهائي .
ومن هنا يأتي السؤوال البديهي : ماهي الدروس المستخلصة من هذه الانجازات .؟

أولا وقبل كل شيئ، هذا الانجاز جاء من التكوين، وهو ما يعني الاهمتام بتنمية مقدرات الانسان.

والمتتبع لطاقم المنتخب، يفهم بسرعة أن كل اللاعبين الذين يمارسون هذه الرياضة يخضعون الى تكوين كامل وشامل في أندية أروبية ، والبقية الباقية من اللاعبين تلقوا تربية رياضية في الاكادمية المغربية لكرة القدم، ومن هنا يظهر لنا أن التكوين المستمر يعطي نتائج اٍيجابية، وعليه، فليس بعزيز أن تصل رياضات أخرى كالسباحة وكرة اليد وكرة السلة واللاءحة طويلة ، شرط أن تتوفر أكادميات رياضية في تخصصات مختلفة.

النقطة الثانية: بخصوص هذا الانجاز الكبير، هو دور مغاربة العالم في التنمية الوطنية المغربية ، وعلاوة على التحويلات التي تصل الى 10 مليار دولار سنويا ، هناك ما يسمى بالانتماء لوطن الاباء والامهات ، وهذه النقطة بالذات خلقت عدة مداخلات وعدة تساؤلات في مقدمتها، ماهو السر الذي يدفع بالشباب الذين ازدادوا بأوروبا في اختيار الفريق الوطني المغربي ، عوض منتخب البلد الذي تلقوا فيه تكوينا مدرسيا أكادميا جعلهم يتألقون في نواد أروبية مشهورة؟

بصمة الوالدين تبقى هي الوازع الأول والأخير في شحن شخصية واختيارات كل شاب سطع نجمه في كرة القدم الاروبية، وما يزكي هذا المعطى هو بروز أمهات اللاعبين المغاربة مع أبنائهم في صور جميلة ومؤثرة في ملاعب قطر.

النقطة الثالثة: في هذا الموضوع، هو أن الفريق الوطني المغربي رفع سقف التطلعات الافريقية والعربية ، وعليه يتوجب الاستعداد في المسابقات العالمية القادمة ، مع التذكير أن ذاك ليس بعيد المنال، والجميل في هذا الامر، أن هذه المعادلة يمكن تطبيقها في جميع المجالات، التكوين في الفلاحة والتكوين في الصيد البحري، والتجارة والصناعة التقليدية والخياطة وصناعة الادوية وصناعة الاغذية ، واللائحة طويلة.

النقطة الرابعة، وهي نقطة سياسية محضة حيث تظهربجلاء انحياز أروبا سياسيا الى ماتراه يخدم مصلحتها ، فراية فلسطين في المحافل الدولية تعتبر راية محذورة لأنها لازالت تقاوم اسرائيل كي تحصل على حقها في تكوين دولة مستقلة ، والعكس صحيح حينما يكون الامر يهم دولة يدعمها الحلف الاطلسي ، أوكرانيا كنموذج.

اذن بعد هذه المقدمة الطويلة وصلنا الان الى بيت القصيد، ألا وهو تطبيق التنمية البشرية بمفهومها العميق والذي يرتكز على نقط عديدة، أولها معوقات التنمية البشرية والتي يمكن تلخيصها في الفساد و الجهل والتعصب الفكري وقلة التجربة والهشاشة والفقر، وغياب عنصر الابداع وعدم الاحساس بالقيمة وسط المجتمع والخوف من المستقبل. ومن هنا نفهم أن التعليم – الوعي – نور ينير الطريق ومنصة يهتدى بها كل ما زاغ الانسان عن الطريق.

على أرض الواقع كم من جماعة قروية في المغرب الحبيب لا يعرف رئيسها القراءة والكتابة، وليس لديه أي تصور على خلق برامج تنموية في الجهة التي يسيرها، وكذالك الموظفون بالجماعات القروية، فهم لا تتوفر فيهم الكفائة المهنية لمواكبة الوظيفة، ويزداد الامر تعقيدا مع غياب دورات تكوينية لتدارك الاعطاب.

على أرض الواقع أيضا، أصبح مشكل النفايات والماء الصالح للشرب والبيئة تأرق المواطنين في جميع المدن المغربية في السنوات الاخيرة، وهذا يأثر سلبا على الساكنة أولا، وعلى صورة المغرب في حالة تدفق السياح. والحل يبقى بين أيدينا ولا يحتاج إلى معجزة كبيرة، حيث أن خلق أكادمية البيئة والنفايات والماء الصالح للشرب كاف أن يمنح المغرب امكانية خلق شركات محلية وطنية، أو خصوصية لتجاوز هذا المشكل.

الأحزاب المغربية لا ستاهم في التوعية الكافية للمواطنين، أو في تخليق الحياة العامة، كما أن منح بعضهم لتزكيات، إما للاقارب، أو لنخب ثبت في حقهم وبشهادة قضاة المجلس الاعلى للحسابات اختلاس المال العام أثناء توليهم مهامات مختلفة، يبخس العمل السياسي، والغريب في الأمر، أن ذالك يتم أمام الملإ..

ليس بالضرورة أن تكون أكادمية الرياضة في كل مدينة وقرية، لكن أضعف الايمان توفير ملاعب القرب لملئ الفراغ الذي يعاني منه شباب المدن والقرى النائية، وهذا لا يتأتى الا بالتنمية البشرية الحقيقية والتي قوامها – النية – الحسنة كما جاء على لسان الناخب الوطني وليد الركراكي.

سر نجاح الفريق الوطني لا يختصر على التكوين الاكاديمي ، لان هناك دول عديدة تملك أكادميات كرة القدم أكثر من المغرب ، لكن النجاح يعود الى الناخب الوطني والذي أظهر للعالم أن الطموحات يمكن أن تتحقق ولو باٍمكانيات متواضعة شريطة أن تكون – النية – .

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *