
إبراهيم عقبة
بعد مخاض عسير، واجتماعات مراطونية.. خرجت حكومة "الإغلاق" (على اعتبار أنها حطمت الرقم القياسي في إصدارها لقرارات الإغلاق و حظر التجوال) ببلاغ لم يكن يتوقعه أحد من المواطنين. لكن عودتنا هذه الحكومة على المفاجآت، وكذلك فعلت.
بلاغ الحكومة يقول: يحظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني يوميا من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا، باستثناء الحالات الخاصة، وذلك ابتداء من فاتح شهر رمضان 1442 هـ، مع الإبقاء على مختلف التدابير الاحترازية المتخذة.
وأوضح البلاغ أن هذا القرار جاء “تبعا لتوصيات اللجنة العلمية والتقنية بضرورة الاستمرار في الإجراءات اللازمة للحد من انتشار وباء كورونا المستجد خاصة مع ظهور سلالات جديدة ببلادنا..
و في الوقت الذي كان ينتظر المواطنون من الحكومة أن تأتي ببلاغ واضح المعالم غير ملغوم، تأبى الحكومة إلا أن تدوس رأسها في الرمال مرة أخرى، بدون إجابات عن تساؤلات المواطنين، من قبيل ماذا عن صلاة التراويح؟ لم تقل لهم الحكومة شيء، وسكت عن الكلام المباح؟
بلاغ الحكومة جاء مليئا بالتناقض، هي تقول حظر التجوال الليلي ابتداء من الساعة الثامنة ليلا إلى السادسة صباحا ـ على اعتبار الرجوع إلى الساعة القانونية بدخول شهر رمضان ـ ولكن المساجد لم يشملها قرار الاغلاق، بمعنى أن الناس من حقها الذهاب إلى المساجد للصلاة، وصلاة العشاء مع التوقيت الجديد سيتجاوز التاسعة ليلا.. أما أذان صلاة الصبح سيكون مع 4:35 دقيقة صباحا، وقد يصل إلى الرابعة ـ على اعتبار الرجوع إلى توقيت غرينتش، أليس هذا قمة التناقض؟ بمعنى أن المصلين يخرجون من المساجد، وسيكون من حق مأموري تنفيذ القانون تسجيل غرامة مالية في حقهم؟؟
بلاغ الحكومة جاء خلافا لما سارت عليه ست دول عربية، وهي: السعودية، الإمارات، الكويت، مصر، الجزائر، العراق. حيث سمحت بإقامة شعائر صلاة التراويح في المساجد بشروط متفاوتة.. لكن الحكومة المغربية لم تقل للمواطنين شيء؟
الملاحظ أن الحكومة تعتمد على قراراتها ـ حسب بلاغها ـ اللجنة العلمية والتقنية.. لكن يبدو أن الحكومة تنظر بنصف عين، لأنها لو نظرت بعينها كاملة لأخذت برأي مندوبية التخطيط التي ذكرت غير ما مرة، أن قرابة مليون عامل فقدوا الشغل، وأن الفقر ازداد مع الحجر الصحي ب: سبع مرات، وقطاع التعليم تضرر، وقطاع السياحة أصابته السكتة القلبية. والمقاهي، والمطاعم، والطيران، وشركات النقل الخاصة التي أعلن عن إفلاس قرابة 2000 مقاولة، و الضرر البالغ الذي أصاب الشركات، وحتى المركب الكيماوي بالجرف الأصفر يعرف أزمة مالية غير مسبوقة في تاريخه بسبب اعتماد الحكومة على موارده، و الشركات العاملة داخل المركب لم تأخذ مستحقاتها، منها من تجاوز شهرين.. حسب مصادر مطلعة، كما أن الشركات العاملة في مركب الجرف الأصفر ومحيطه سرحت قرابة أربعة آلاف عمال ومستخدم.. واللائحة طويلة..
هذا كله لم تأخذه الحكومة بعين الاعتبار، وتعتمد على اللجنة التي تضم أشخاص مختصين في الأوبئة، أما اللجنة المختصة في علم "الأوبئة الاقتصادية" فلا يهم الحكومة رأيها؟ كما جندت الإعلام العمومي وبعض أطر وزارة الصحة للترويج لهذه الروايات السخيفة؟
الحكومة تفكر في عدد الإصابات بكوفيد19، أما مليون شخص الذين أصابهم "كوفيد فقدان الشغل" فلا تهتم بهم، وما تقدمه من إعانات، فهي مبالغ سخيفة، ومؤقتة لا تكفي حتى نصف شهر؟
آخر إحصائيات وزارة الصحة ليوم أمس الثلاثاء 06/04/2021 أن عدد الإصابات وصل إلى 499 ألفا و 25 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 485 ألفا و 708 حالات، بنسبة تعاف تبلغ 97،3 في المائة؟
فإذا كان عدد الشفاء حسب تصريح وزارة الصحة وصل إلى 97،3 في المائة، فأين المشكل؟ ولماذا تستمر الحكومة في خنق البلاد والعباد؟
وهل تستطيع الحكومة أن تجيب عن سؤال محير، هو: كم نسبة الشفاء بين مليون عامل الذين أصاباهم "كوفيد فقدان الشغل"؟
نسأل الله أن يأت بالفرج عن البلاد والعباد، ومن هذه الحكومة التي ابتلى بها الشعب المغربي؟ والتي نجدها عاجزة عن اتخاذ قرارات مستقلة ، و أن لا تكون مقلدة لجيرانها الغربيين. لكن لا تستطيع أن تقلدهم في مئات الملايير من الأورو التي خصصتها للقطاعات المتضررة؟
التعليقات