مقاربة سياسية بين خطابات الملك محمد السادس

مقاربة سياسية بين خطابات الملك محمد السادس
محمد بونوار: كاتب مغربي مقيم بألمانيا   

خطابات الملك محمد السادس تعتبر دائما شاملة. وقد تعود المغاربة عند كل مناسبة وطنية ، أو دينية.. تعود المغاربة أن يلقي الملك محمد السادس كلمة عبارة عن خطاب ملكي موجها الى الشعب المغربي تارة، والى الحكومة ومؤسساتها تارة أخرى ، وحسب الظروف السياسية  قد يكون الخطاب عبارة عن تصحيح المفاهيم ، أو طرح تصورات جيوسياسية تهم الوحدة الوطنية والمكتسبات الديموقراطية التي حققها المغرب في ظل قيادته السامية.

هذه الخطابات تكون دائما مختصرة هدفها تصحيح المسارات، أو على شكل دعامات سياسية لمشاكل آنية يتم الانكباب عليها بشكل فعال حسب الظروف والمرحلة التي يمر منها المواطنون انطلاقا من اكراهات مفروضة ، اٍما  دولية ، أو بيئية ، أو قانونية ، أو اجتماعية ، أو ثقافية ، أو سوسيواجتماعية ، والائحة طويلة ….

خطابات الملك محمد السادس تكون عادة مختصرة و تحمل أبعاد عميقة ، وتلاقي اٍقبالا كبيرا من طرف الاعلام المحلي والدولي في بعض الأحيان.

وبعد الخطاب يدلي المثقفون والسياسيون والمحللون بأرائهم لشرح الظاهر والباطن، وتتصدر صفحات الصحف والمجلات كل ما له علاقة بالخطاب الملكي، وبعدها تجتمع الحكومة لدراسة محتوى الخطاب لايجاد القانون الاطار لتفعيل ما جاء فيه على الصعيد الوطني ، وغالبا يصلون الى المبتغى ، ويهرعون الى اٍخراج مشاريع بميزانيات محترمة ، يتم تنفيذها على المدى القريب تارة ، وأخرى على المدى البعيد .

هنا لابد أن نقف لكي نترجم بعض النقاط التي لها علاقة بالموضوع.

خطابات الملك تمنح دائما الامل للمواطنين وتحفزهم على العمل والمتابرة ، وتشجعهم على المساهمة في بناء الناتج الوطني ، وبالتالي المساهمة في التنمية البشرية والوصول الى الرقي والازدهار والعيش الكريم تناغما مع متطلبات العصر والحقب الزمنية.

من هنا نفهم أن الخطابات الملكية لها وقع على واقع الحياة الاجتماعية للمواطنين المغاربة ، لانها تهتم بمواضيع لها علاقة بالمواطن مباشرة  كالتعليم، والتكوين المهني، والجامعات، وتوفير الماء الصالح للشرب ، وتهيء المجالات الحضرية ، وخلق مناصب الشغل ، وتلح على توسيع مساحات الاراضي الزراعية ، واستغلال الموارد الغابوية والبحرية ، وتزكي الاعتناء بالطبقة الفقيرة من خلال مجانية العلاج والتمريض ، وتنص على مساعدة الطبقة المتوسطة للحصول على سكن اقتصادي، والاعتناء بمغاربة العالم ، واشراكهم في المشاريع التنموية ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، واللاءحة طويلة طبعا.

بعد الخطابات الملكية تنكب الحكومة على اٍخراج المشاريع ، وبعدها تتم المصادقة عليها ، ويبدأ البحث عن الوزارات والمؤسسات والوكالات والجهات التي يمكن لها ان تساهم في التمويل المادي ، وبعد جلسات ومداولات  متكررة يتم التوقيع النهائي من طرف المانحين ، ومباشرة تنتقل الميزانية  المتفق عليها الى صناديق الجماعة ، أو الوزارة المعنية بالمشروع .

أول خطوة قبل تنفيد المشروع هي ما يسمى بدراسة المشروع من طرف شركات مختصة حسب مجال التخصصات، وبعدها مباشرة يبدأ الشروع في فتح باب العروض للشركات المختصة في الميدان، وهنا تبدأ المشاكل العويصة والتي يمكن تصنيفها حسب القائم المباشر عن الاعمال قد تكون جماعة قروية ، أو جماعة حضرية ، أو وزارة معينة.

مشاريع عديدة ترى النور وتدخل البهجة الى قلوب المواطنين، يشرف عليها وزراء، ورؤساء جماعات ومدراء وكالات، يستحقون التنويه والاشادة والشكر، لما قدموه لخدمة الوطن والمواطنين والجري وراء المصلحة العامة.

وهناك مشاريع نابعة من تعليمات ملكية، لكنها لا ترى النور بتاتا، رغم أن الحكومة تجمع لها ميزانيات ضخمة، هذه الظاهرة يمكن معاينتها بالعين المجردة في بعض المدن وبعض القرى..

ورغم أن المكتب الاعلى للحسابات يتولى افتحاص المشاريع ويخرج بتقارير دقيقة عن نوع الاختلالات المالية، اٍلا ان التطبيق لا يتم كما ينبغي، فكم من مسؤول سياسي ثبث في حقه الفساد المالي ولازال يباشر عمله بدون غضاضة، وكم من رئيس جماعة متورط في ملفات فساد مالي ولازال يباشر عمله بدون حياء.

هذه النخبة من المسؤولين الذين يخونون الامانة ، يؤمنون أن كل من فوق القانون فهو قانون ، ويزكون أنفسهم أنهم لم يأتوا من فراغ ، بل جاءوا من حصيلة تحقيقات انتخابية.

في الحقيقة ليس لهم ضمير مهني ، يعاهدون الله وهم لا يخافون حدوده ، يقتلون الأمل في نفسية المواطن بدون ملل ، ويتبجحون بشرف المهنة..

في المغرب هناك هيئة تسمى بالفرقة الوطنية لمحاربة الارهاب والتطرف، ولها عمل ايجابي في استثباث الامن والاستقرار بالبلد ، وأظن أنه ربما حان الوقت لكي تتوسع  هذه الفرقة لمتابعة النخبة التي تنهب المال العام وتقوض المشاريع ، بل وتشطبها… في نظري هذا تطرف كبير، يلحق أضرارا كبيرة للوطن والمواطنين ويناهض جميع المشاريع التي تمت المصادقة عليها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *