في تراث اللباس فلسفة في الزمان و المكان

في تراث اللباس فلسفة في الزمان و المكان
د. عادل حسين

د. عادل حسين

إما أن التراث يبكي لك، وإما أنه يبكي عليك..

ليس السؤال ما إذا كنا نفقه تراثنا فيما كتب وما قدّم؟

يجب أن تكون الأمور واضحة، فإذا كنا نعترف أننا تونسيون ننتمي إلى تراثها، فمن الطبيعي أن نفكر انطلاقا من التراث الرمزي و ما قدّمه و كتبه أسلافنا عبر التاريخ، لأن هذا الأخير هو الذي يعطي معنى لحياتنا وموتنا.

يجب أن نبدأ من البداية بعيدا عن كل اعتبار سوسيولوجي قطعي:

إن الإيمان بالإنسان التونسي ضمن فلسفة تراثه  والإقرار بحتمية استمرار وجوده و تأثيره في الحضارة الانسانية، والتمسك بإمكانياته و طاقته و ارادته، و العمل على بلورة و ترجمة كل انتاج له في واقع الحياة، تشكل أولى المراجع المعتمدة.

فما يأمر به تراثنا بأبعاده الوجودية، أفراد المجتمع التونسي، ليس فقط البقاء على الحياد                   و رضاء النفس، التي تكون بعيدة عن الاهتمام بشؤون الحياة وشؤون الخلق،
بل على العكس، فالإيمان بالانتماء للرمزية التراثية هو اعتراف بوجودنا و موقعنا في التاريخ البشري، وعمل على توعية و ترسيخ مقوّمات الشخصية و عناصرها في الذات فرديا وجماعيا سيما في مجتمعنا …

عندما تجد تراثا من أسمي ما أضافته البشرية للطبيعة، عبر التاريخ، ويذوب في الموجود،

عندها فقط، لا كرامة لو لا الشمس للقمر.

إن الأمر يتعلق بنا…

هل نحن من التراث وبالتراث أم لا؟!!!

إن تراث اللباس هو ليس فقط من أهم المؤشرات الظاهرة التي يمكن من خلالها الحصول على كم من المعطيات والمعلومات التي تعكس حياة الناس ومعيشتها ونموها  وتطورها على مستوى التقني والفني، بل هو أيضا نمط فكري وروحي يبلور ما مدى قدرة المجتمع على تحديد معايير مفهوم الجمال من ناحية، ورسم مقاصد الذوق العام من ناحية أخرى. فليس عبثا أن تجد اللباس متغير ومتجدد في خصوصيته من منطقة إلى أخرى ومن دولة الى دولة…

إن في اللباس ليس فقط عبرة واداة للاستقراء للباحثين والمختصين في علم التراث والاثار، بل أيضا يعطينا القدرة على الوصول الى الحقيقة ألا وهي، أن التاريخ وحضارة الشعوب مرتبطة أساسا بمدى إيلاء الانسان، في مجتمعه، بادراك ووعي بقيمة الجسد والروح اللذان لا يمكن أن يتمّ الارتقاء بهما إلى السمو والعلو، إلا ضمن فلسفة القيم والمبادئ العامة التي تصبغ مقومات الحياة الخاصة والعامة…

فاللباس في جوهره هو تعبير عن مدى اهتمام الانسان بجسده وروحه والمضي قدما في امتلاك مقامه الباسق من بين الناس خاصة والامم عامة …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *