تشكيلة الحكومة الحالية “تُشيع” الأحزاب السياسية إلى مثواها الأخير، وتبخس من قيمتها؟

تشكيلة الحكومة الحالية “تُشيع” الأحزاب السياسية إلى مثواها الأخير، وتبخس من قيمتها؟

إبراهيــــــم عقبــــــة

عندما نتكلم عن الديمقراطية، يذهب الذهن إلى صناديق الاقتراع.. وأن الشعب يختار من يمثله بدون تزوير ولا بلطجة ولا هندسة و لاهم يحزنون، يعني أن الشعب يختار أشخاصا قدموا برامجهم واقتنعت بهم فئة من الشعب وصوتوا لهم وفازوا في انتخابات حرة ونزيهة..

وعندما تعلن نتائج الانتخابات، تشكل الحكومة من الحزب الحاصل على الرتبة الأولى، وله حق اختيار التحالفات دون تدخل من أي جهة، لأنه نجح استنادا إلى برنامج قدمه للناخبين، وبالتالي يجب أن تعطى له فرصة تطبيق برنامجه، وحال فشله، سيحاسبه الشعب في الانتخابات المقبلة.. هذا الكلام ينطبق على النظم الديمقراطية الحقة؟

في المغرب، تنتمي إلى حزب سياسي، وتكد وتجتهد وتناضل طول عمرك، ومعك ديبلوم عالي، وتتمرس على السياسية سنوات طوال، وتراكم تجربة في العمل السياسي…. إلا أنك لا تحلم أن تتقلد منصبا وزاريا؟

تعالوا إلى الحكومة الحالية، ونبدأ بالتكنوقراط، شكيب بن موسى متى كان ينتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، تم إلباسه جلباب الحزب يوم تقلد منصب حقيبة التعليم، و الكل يعلم أنه لم ينتم إلى حزب سياسي يوما؟ والشيء نفسه حصل مع محسن جازولي، الذي عيّن وزيرا منتدبا لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية؟

لنرجع إلى حزب الاستقلال، فقد ألبس ثلاث شخصيات تكنوقراطية جلباب الحزب في آخر لحظة، ويتعلق الأمر ب: عواطف حيار وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ومحمد عبد الجليل وزير النقل واللوجستيك، ورياض مزور وزير التجارة والصناعة.

فسياسيو ومناضلو حزب الاستقلال لم يظفروا بأي وزارة، غير الأمين العام نزار بركة؟ لأن الحزب آلت إليه أربع وزارات، ثلاث أُلبسوا “قصرا” جلباب حزب الاستقلال بالإضافة إلى الأمين العام؟، وقد طبق الأمين العام نزار بركة مع الأطر الاستقلالية مقولة “اللهم ارحمنا ثم ارحم والدينا”.

وتساءل متابعون عن سر استبعاد حزب الاستقلال أسماء حزبية كانت مقترحة للاستوزار، واستبدالها بأخرى من خارج الهيئة الحزبية؟

لا أحد ينكر أن غليانا يجري داخل الأحرار والاستقلال، لأنهم قاموا باستبعاد السياسيين أصحاب التجارب، والذي ناضلوا وضحوا من أجل الحلم للوصول إلى مناصب المسؤولية، لكنهم وجدوا أنفسهم خارج أي مشاورات، في حين سلمت المناصب الوزارية لأشخاص لا تربطهم أي رابطة حزبية، و لا يربطهم بالنضال إلا “الخير والإحسان”.

الغريب في الأمر، أن المناصب الوزارية أعطيت لأشخاص، للاستهلاك الخارجي وليست لهم الكفاءة اللازمة حتى يتقلدوا مناصب أكبر منهم بكثير، ونذكر منهم نبيلة الرميلي، فهي ليست سياسية محنكة، وليست إطارا كبيرا حتى تتقلد أصعب و أهم وزارة في الحكومة، وزارة الصحة؟ نفس الشيء يقال عن فاطمة الزهراء المنصوري التي عينت وزيرة للإسكان والتعمير.

والسؤال، ماذا عن المسؤولية التي يتحملانها في عمادة أكبر المدن المغربية؟ وأنى لهما التوفيق بين منصب وزاري صعب، وبين عمادة مدينتي الدار البيضاء ومراكش؟، إنها قمة العبث؟

وللمرة الأولى في تاريخ المغرب، يتولى رئيس حكومة منصب عمدة مدينة أكادير، في آن معا؟

وهناك سؤال آخر، فهل الأحزاب المشكلة للحكومة ليس بها كفاءات حزبية نسائية، تسلم لها مناصب وزارية، وسنكون أمام عملية ديمقراطية؟ الأحزاب السياسية نعم بها كفاءات نسائية وخاصة حزب الاستقلال الذي يزخر بالكفاءات النسائية، إلا أنها استبعدت من قبل مهندسي الحكومة، السبب في ذلك، يعلمه نفس المهندسون؟

الوزارة منصب سياسي أيها السادة، وليست منصبا إداريا في قطاع حيوي حتى تتقلده الكفاءات. 

فإذا كنا نتكلم عن الكفاءة، فهل نادية فتاح العلوي التي أسندت لها حقيبة المالية، تصل إلى كفاءة بن شعبون وزير المالية في الحكومة السابقة؟ وهل كفاءة حفيظ العلمي توازي كفاءة كل من : رياض مزور، وزيرا للصناعة ‏والتجارة؛ ويونس سكوري، وزيرا للإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل ‏والكفاءات، وليلى بنعلي، وزيرة للانتقال الطاقي والتنمية المستدامة؛ وغيثة مزور..

فإذا كان الجواب أن الدولة أرادت التغيير، فماذا عن الوزراء المخلدون، و حيث منهم من وصل إلى عشرين سنة واستمروا في الحكومة الحالية، وعن الذين استمروا من الحكومة السابقة وعددهم سبعة؟

إذن كل الحجج مردودة، الحقيقة لا يوجد معيار يمكنه اقناع المواطنين بهندسة الحكومة الحالية. سوى الدعاية للخارج..

و بالحديث عن المخلدين في الوزارات، فهي إساءة إلى الحكومة، أحمد التوفيق الذي ظل في الحكومة قرابة 20 سنة، و هو حاصل على إجازة في التاريخ من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، فهل المغرب لا يوجد به من الرجال والكفاءات الذين يديرون هذ الوزارة الحيوية، الأوقاف والشؤون الإسلامية تحت إمارة أمير المؤمنين، والمذهب المالكي الذي ارتضاه المغاربة منذ القرن الخامس الهجري؟ فلماذا نفس الوجه يظل متربعا على هذا المنصب لعقدين من الزمن، ومتى سيفارق كرسي الوزارة؟

نفس الشيء ينطبق على عبد اللطيف لوديي الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، ومحمد الحجوي الأمين العام للحكومة، هذا الأخير الكل يعرف وظيفته والدور الذي يقوم به في فرملة القوانين؟

ختاما، نقول، أن تشكيلة الحكومة الحالية، “شيعت” العمل الحزبي إلى مثواه الأخير، وقامت بتبخيسه، ولم يعد للسياسيين الذين راكموا تجربة سياسية كبيرة أي أمل في تقلد مناصب وزارية.

 زعماء الأحزاب المشاركة في الحكومة يتحملون المسؤولية الكبرى في ذلك، لأن ليس لهم من الشخصية ما يجعلهم يصمدون أمام مهندسي الحكومة الذين فرضوا عليهم عناصر من خارج أحزابهم، حتى ولو دفعهم ذلك إلى العدول عن التحالف الحكومي.

وإذا كان هناك من يقول، أن المناصب أسندت إلى كفاءات، نقول، أن الدولة كان عليها أن تلغي الانتخابات، وتعين حكومة كفاءات، و تكفي الشعب شر “البلطجة” غير المسبوقة التي حصلت في الانتخابات الأخيرة.

إن الكفاءة مكانها هو إدارة المؤسسات المالية والصناعية والشركات الكبرى المنتجة.. أما المناصب الوزارية، فتسلم للسياسيين.

وإذا لم تكن الدولة تريدهم أن يتقلدوا مناصب وزارية، فعليها إلغاء الانتخابات وتعيين حكومة كفاءات، وتوفير تلك الملايير من الدراهم لبناء المدارس والمستشفيات..

إن أخطر ما في الأمر هو سؤال، ماذا تعني انتخابات لم تنتج سياسيين قادرين على تقلد مناصب وزارية، بعدما سُلمت لأشخاص لم يخوضوا انتخابات برلمانية ولا هم يحزنون؟

ملحوظة:

نال “التجمع الوطني للأحرار”، ست حقائب وزارية، بالإضافة إلى منصب رئيس الحكومة.

وآلت لحزب رئيس الحكومة وزارات، الاقتصاد والمالية، الصحة، والفلاحة والصيد البحري، والوزارة المكلفة بالميزانية.

فضلا عن وزارة السياحة والصناعة التقليدية، والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الذي هو الناطق باسم الحكومة.

وأسندت إلى “الأصالة والمعاصرة”، سبعة مقاعد وزارية، هي العدل، والتعمير والإسكان، والشباب والثقافة والاتصال، والتعليم العالي والبحث العلمي، والإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى.

بالإضافة إلى وزارتي الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، والانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.

وآلت لحزب “الاستقلال”، أربعة مقاعد وزارية، وهي وزارات، التجهيز والماء، والصناعة والتجارة، والنقل واللوجيستيك، والتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.

وأسندت إلى الوزراء التكنوقراط (المستقلون)، سبعة مناصب وزارية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *