الطرز الأزموري.. النساء الأزموريات حلقة مهمة للحفاظ على هذا الموروث الثقافي وتثمينه

الطرز الأزموري.. النساء الأزموريات حلقة مهمة للحفاظ على هذا الموروث الثقافي وتثمينه

وكالات: هن نساء من مشارب وأعمار مختلفة، جمعهن عشقهن وغيرتهن على الطرز الأزموري العتيق، ليحملن على عاتقهن مسؤولية الحفاظ على هذا الموروث الثقافي التقليدي المتفرد لمدينة أزمور.

على مر السنوات، عملت نسوة مدينة أزمور واجتهدن بدون ملل أو كلل، بشكل فردي أو في إطار جمعيات وتعاونيات متخصصة، على إعطاء حياة جديدة لهذا الفن الحضاري الذي توارثته و تناقلته المرأة الأزمورية عبر الأجيال، والذي أصبح تراثا لا ماديا تفتخر به مدينة أزمور عامة، والمرأة الأزمورية خاصة.

ويتميز الطرز الأزموري برسومات التنين التي تمثل علامة ينفرد بها عن أنواع الطرز في باقي ربوع المملكة، والتي يحكى أنها دخلت عن طريق أحد التجار البرتغاليين، الذي قدم رسما جداريا يحتوي صورة هذا التنين لصياد من أزمور وقامت زوجته بتطبيق تصميمه في الطرز و شاركت تصميمها مع نساء القرية حينها اللواتي أعجبن به و أقدمن على تقليدها و ساعدن في انتشاره ليصبح رمزا متوارثا تنفرد به هذه المدينة.

ومنذ ذلك الحين وحكاية نساء أزمور مع الطرز الأزموري متواصلة، والمثال من داخل ردهات تعاونية الفردوس لتنمية المرأة والطفل، التي تعمل على تكوين وتأطير الفتيات والنساء وتعليمهن فنون الطرز الأزموري، من أجل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي من جهة، والمساهمة في التمكين الاقتصادي للنساء من جهة أخرى.

وفي تصريح ، قالت رشيدة الدشري رئيسة تعاونية الفردوس لتنمية المرأة والطفل، إن جذور هذا النوع من الطرز تعود إلى الصين، مبرزة أنه دخل إلى أزمور على يد تاجر برتغالي.

وأضافت أنه على مر السنوات حافظت الصانعات الأزموريات على هذا الطرز التقليدي وحرصن على تطويره من خلال إدخال بعض الخصوصيات المغربية، مشيرة إلى أن مجموعة من النساء الازموريات اشتغلن منذ أكثر من ثلاثين سنة بمراكز التعاون الوطني، التي ساهمت في إخراجه من المنازل وفتحت أمام الصانعات فرصة المشاركة في مختلف المعارض داخل المغرب وخارجه، للتعريف والتسويق أكثر لهذا الموروث الأزموري.

وأوضحت الدشري، في هذا السياق أن الطرز الأزموري لم يعد مقتصرا على الاستعمالات القديمة، بل انتقل إلى استعماله في “الستائر” والملابس التقليدية النسائية من قفاطين وجلابيب و”شرابل”، مضيفة أن العديد من المعلمات الشابات شرعن في استغلال رسمة “التنين” في لوحات فنية للعرض والزينة.

كما أشارت إلى أن الطرز الأزموري، استعاد إشعاعه مؤخرا بفضل الاهتمام الذي توليه المديرية الإقليمية لوزارة الصناعة التقليدية، التي تفتح المجال أمام الصانعات المعلمات للمشاركة في معارض محلية ووطنية ودولية.

تعاونية المهدب للطرز الأزموري، مثال آخر عن التعاونيات التي تعنى بهذا الطرز التقليدي، والتي تأخذ على عاتقها تلقين جيل جديد من المعلمات الشابات، وإدخال تجديدات على الطرز التقليدي من أجل إعادة إحيائه ومسايرة التطورات في المجال.

وقالت لطيفة المهدب رئيسة المهدب للطرز الأزموري، إن التعاونية طورت من مجال اشتغالها، إذ اهتمت الصانعات بتنويع المنتوجات من خلال إدخال نماذج ورسومات جديدة لدمجها مع الطرز التقليدي.

وأضافت أن النساء يعملن على “الطبيقات” و”السلهام” و”البلغة” والحقائب اليدوية والوسائد وأغطية الموائد وغيرها، والتي تشهد إقبالا من طرف السياح. إلى جانب الطرز القديم المعروف بطابع التنين، هناك نوع آخر لا يقل أهمية وهو طرز “الزين والبها”، الذي يستمد وجوده من نبتة خاصة تنبث خلال أشهر فبراير ومارس وأبريل وماي، بمحيط مدينة أزمور وهي معروفة بتحول ألوانها حسب مرحلة النمو.

ويرتكز هذا النوع من الطرز العريق على رسومات الأزهار الملونة لنبتة “الزين والبها”، والتي تعرف برائحتها العطرة الزكية وألوانها المتعددة الزاهية، حيث كان الأزموريون يزرعونها في الحدائق وتزين بها النساء الأزموريات بيوتهن بالمدينة العتيقة.

وفي هذا الصدد، أكدت مليكة بوسمحة، وهي صانعة حاصلة على الإجازة، تهتم بالتأطير والتكوين بالتدرج في مجال الطرز البلدي المعروف ب”الزين والبها” بدار الصانع، أن هذا النوع يستمد وجوده من نبتة ملونة، يتم توظيف كل لون على حسب التدرج (La dégradation)، ويتم الاعتماد فيه على الخيط (DMC) وهو خيط طبيعي يحتفظ على لونه الأصلي، ويستعمل أساسا في اللباس التقليدي، كالقفطان والجلباب والسلهام والأحذية النسائية.

هكذا، تبقى النساء الأزموريات حلقة مهمة في ما يخص الحفاظ على الطرز الأزموري وتثمينه، من خلال تناقله جيلا عن جيل، وتطويره وتنويع استخداماته.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *