الخطأ الإداري من يتحمل المسؤولية تحديدا؟

الخطأ الإداري من يتحمل المسؤولية تحديدا؟

ارتكاب الخطإ الإداري أمر طبيعي ووارد في مجمل التعاملات الإدارية، ويحصل في مختلف الإدارات لأسباب ومسببات متنوعة بحسن أو بسوء نية ، كما أن تصحيحه يمر عبر مجموعة من الطرق نهايتها قرارات المحكمة الإدارية..

غير أنه باستحضار جملة من الأخطاء الإدارية التي وقعت فيها الإدارة المغربية بشتى تشكيلاتها عبر ربوع الوطن ، تجعل المتتبع للشأن الإداري المغربي يقف على جوانب لها قسط كبير من الخطورة الجسيمة لا سيما وأنها تمس مباشرة بمصالح المرتفقين والموظفين على حد سواء ، وهو ما يقود إلى التساؤل العريض لتحديد المسؤولية بشكل أدق : من يرتكب الخطأ ؟ هل هي الإدارة أم مسؤولو الإدارة ؟ وبالتالي ضد من تحديدا يجب أن ترفع الدعوى القضائية ؟

في الغالب الأعم تضع الإدارة على المستوى الوطني قوانين ضابطة لمختلف العمليات الإدارية ، ويجري تنفيذها وفق ما هو منصوص عليه فيها ، وهذه القوانين يجري تشريعها في مؤسسة دستورية أي البرلمان بغرفتيه ، وقد يتضرر نتيجة الخطإ في اعتمادها فرد أو مجموعة أفراد ويضيع بمقتضاه مكتسب من مكاسب فئة معينة أو تحرم من امتيازات بعينها ، وبالتالي يجري تصحيحه اعتمادا عبر تدخلات الفاعلين الحزبيين على مستوى تقديم الاقتراحات وبناء التعديلات ومن خلال الأسئلة الكتابية أو الشفوية وأيضا من خلال الإحاطة ..

وقد تضع الإدارة القطاعية قوانين خاصة بها مركزيا أو جهويا أو إقليميا ، وتكون هذه القوانين مشوبة بعتمة أو لبس أو فيها جانب من جوانب الأبواب المفتوحة للتأويلات ، وتصيب بضررها فردا أو مجموعة أفراد من منتسبيها ، وبالتالي يجري تصحيحها من خلال التراسل الإداري أو عبر الفاعل النقابي بما فيه الحوار الممأسس على قاعدة الشركاء في التدبير ، بينما إن وصل الأمر حد الباب المغلق فإن المعني أو المعنيين بالأمر يكونون مضطرين إلى اتباع مسطرة التقاضي القانونية لدى المحكمة الإدارية على أساس وجود ” الخرق القانوني ” لمسطرة معينة أو على أساس ” شطط في استعمال السلطة ” ..

وفي هذه الحالة الثانية ، حيث يكون الخطإ تحت طائل ” التأويل ” لنص من النصوص أو لعبارة من العبارات ، فإن مرتكب الخطإ يكون تلقائيا هو ذاك ” المسؤول ” الذي أعطى لنفسه حق التأويل علما أن القاعدة الفقهية القانونية تذهب إلى اعتبار أنه ” لا تأويل مع النص ” ، ومن ثمة يمكن للمتضرر من الخطإ الإداري بالتأويل أن يلجأ إلى مقاضاة طرفين كل على حدة في نفس الوقت : المسؤول الإداري صاحب التأويل والمؤسسة الإدارية التي تبنت هذا التأويل ..

فمثلا حينما يذهب نص قرار إداري إلى طلب توفر المترشح لمنصب المسؤولية وفق شرط التوفر على ” دبلوم يسمح بولوج درجة متصرف من الدرجة الثالثة أو درجة مماثلة ” ، ويكون المعني متوفرا على دبلوم يخول لحامله الدرجة الثالثة وفق منطوق المرسوم 2.08.371 في مادته الثانية ، كما أن التوفر على شرط ” درجة مماثلة لدرجة متصرف من الدرجة الثالثة ” وفق واقع الحال بالتوفر على السلم 11 بالرتبة 11 وبالرقم الاستدلالي 704 فإن معناه أكثر من الدرجة المماثلة على اعتبار أن المتصرف من الدرجة الثالثة أرقام ترتيبه الاستدلالية وفق النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات رقم 2.06.377 هي ما بين 275 و 564 ، وبالتالي فإن التأويل هنا خاطئ ولا غبار عن الخطإ الجسيم الواضح وضوح الشمس ، لأن المترشح له الرقم الاستدلالي 704 بينما أقصى رقم استدلالي لمتصرف من الدرجة الثالثة هو 564 .. مما يجعلنا أمام حالة لم تخطئ فيها الإدارة كإدارة وإنما من أعطى لنفسه حق التأويل وكان تأويله خاطئا ، كما يجعلنا بحق أمام حالة إمكانية رفع الدعوى القضائية بطرفي القضية معا : الطرف الأول وهو المسؤول الإداري الذي قام بتأويل النص المدرج في القرار ،

والطرف الثاني الإدارة التي قامت بتبني التأويل وتضييع ” مبدأ تكافؤ الفرص ” في التباري على منصب من مناصب المسؤولية ، ونفس الطرح أيضا في قبول مترشحين لا يتوفرون إطلاقا على شرط من شروط التباري تحت ذريعة منطوق العبارة الواردة في الشرط المعني ” كير أنه ممكن ، إذا استدعت ضرورة المصلحة ذلك ، الإعفاء من هذا الشرط ” يطرح أكثر من علامة استفسار حول طبيعة ” ضرورة المصلحة ” التي يجب أن تفسر وتوضح بتعليل منطقي مقبول خصوصا وأن النص الصريح يذهب إلى ضرورة انتقاء مترشحين بنفس عدد المناصب المتبارى بشأنها ، وحتى إذا كان تجاوز ذلك العدد فليس من المنطق في شيء قبول أضعاف مضاعفة ..يتبع بالأدق1/2

عبد الكريم جبراوي Jabraoui2013@yahoo.com

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *