هي الإدارة العمومية ولكن: أنا ،الرئيس، وأنتم ،المرؤوسون،

هي الإدارة العمومية ولكن: أنا  ،الرئيس، وأنتم ،المرؤوسون،

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” أريد مكتبا وثيرا وأجهزة متطورة وبابا مصفحا عليه حفظة كاتمون لا يلجونه إلا بعد رنين الجرس ، وأنتم ” المرؤوسون ” عليكم بانتظار أوامري وتعليماتي إليكم …

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” فاجعلوا في مكتبي مكيفات الهواء ، وضعوا قبالتي مزهرية ورد يتجدد كل صباح كي أستنشق عبق الورود ، وأنتم ” المرؤوسون ” اعملوا جاهدين على تجديد الهواء لرئتكم من خلال فتحات النوافذ ، أو انتظروا وقت خروجكم ..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” فضعوا سيارات المصلحة تحت تصرفي أن لا غير ، بل اقتنوا لي من المال العام الفاره منها لتليق بمنصبي وبمكانتي المرموقة في هذا البلد ، وأنتم ” المرؤوسون ” استعملوا سياراتكم إن كانت لكم أو دراجاتكم النارية وحتى إن كانت هوائية فالرياضة بمثلها ينصح به أهل الاختصاص..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” فاحرصوا على أن يكون لي هاتف من آخر صيحات الهواتف النقالة ولا بأس أن يكون بعدد الإثنين أو الأكثر لأن زمننا زمن التكثير لا زمن التقتير ، وأنتم ” المرؤوسون ” فلا حاجة لكم إلى هواتف ما دام مرادي ألا يجتمع أمركم فلربما ” تآمرتم ” ضدي…

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” : نفذوا أوامري وتعليماتي ولا يناقشنني فيها أحد أو يضع أمامي مرجعيات من القوانين الجاري بها العمل فأنا ” الرئيس ” الآمر الناهي ، وأنتم ” المرؤوسون ” لا تعلمون مثلي ترسانة القوانين ولا طاقة لكم على فهمها…

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” فلا قرار غير قراراتي ، ولا اجتهاد غير اجتهاداتي ، ولا تفسير للقوانين غير تفسيراتي ، وأنتم ” المرؤوسون ” يكفيكم وجودي على رأسكم فخرا لكم..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” تعويضاتي عن الأتعاب والتنقلات ملك لي لوحدي ، آخذ منها ما يكفيني وزيادة ، ولكم أنتم ” المرؤوسون ” ما فضل منها فتاتا بالإلزام أنتم آخذوه دون أي نقاش وإلا الحرمان منه في القادم من الأيام تعبتم وتنقلتم أم لا …

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” أخرج فيصطف منكم البعض في طوابير التحية ويقبع الآخرون في مكاتبهم ” إجلالا ” لقدري مخافة أن يلتقط بصري موجب عقابكم ، وأنتم ” المرؤوسون ” لا يبرح أحدكم مكانه وقت خروجي حتى ولو تزامن مع وقت الخروج الرسمي لأن ” الرئيس ” أولا على الدوام ..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” في هذا الجزء من البلد مالك المعرفة وصاحب ” الضيعة ” بتينها وزيتونها ورمانها ، وأنتم ” المرؤوسون ” مأجورون عندي بلا ميز بين الأجير والمأجور إلا بقدر انحناءته أمامي وإطاعته لكل أوامري بما فيها التي يفهمها ويتصرف فيها قبل أن يراودني التفكير فيها ..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” فلا حق لأحد منكم في انتقادي أو معاتبتي .. لا حق لأحد منكم في فضح اختلالات تدبيري .. لا حق لأحد منكم في التعبير عن وجهة نظره في حضرتي .. لا حق لأحد منكم في التفكير في ” مضرتي ” .. وأنتم ” المرؤوسون ” أحذية الاستبدال وعمائم التواري ومحافظ التخزين ..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” فلا صخب ولا ضجيج .. لا وقفات ولا احتجاج .. لا تبرم ولا ضجر .. وأنتم ” المرؤوسون ” واجبكم الامتثال لصوابي ولأخطائي .. واجبكم الامتثال لشططي في استعمال سلطتي واستغلالي لنفوذي..

هي الإدارة العمومية ولكن أنا ” الرئيس ” لا أخطئ أبدا ، محمي بالظلال الوارفة ، مضمون بحصانة المنصب لا أسأل عما أفعل وأنتم ” المرؤوسون ” تسألون عما تفعلون ..
Jabraoui2013@yahoo.com 
 عبد الكريم جبراوي


أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *