هل نحن أمام أزمة مقروء أم أزمة قراءة

هل نحن أمام أزمة مقروء أم أزمة قراءة

 

 إنه لمن المؤسف والمحزن أن نجد شباب هذا القرن قد هجر وبشكل نهائي فعل القراءة الهادفة لا القراءة المستهلكة ، وقطع شبابنا صلته بالكتاب ، وربط علاقة مثينة بعالم الأنترنيت والمواقع الإجتماعية ، وإستغرق في اللهو  ومال إلى مصاحبة وسائل  الإعلام بشتى ألوانها وأصنافها ، ولن يكلف نفسه النظر إلى المواضيع الثقافية والوثائيقية  عبر وسائل الإعلام هاته ، وإنما إستهواه ماهو ترفيهي ومضيعة للوقت ليس إلا ، وأضحى شبابنا اليوم دون ثقافة  ودون قراءة منتجة يبني بها شخصيته ، حيث أصبحنا  أمام شباب لا ينطق حتى الكلمات نطقا صحيحا محرفين معناها الحقيقي ، أما إذا طلبنا منه كتابتها فتلك مصيبة عظمى ،وإذا نظرنا إلى الأسباب العميقة التي جعلت الشاب العربي عامة يعزف عن القراءة لا بد أن نجد 1و و2و3 في أسفل المادة


يقول الناقد والكاتب أحمد اليابوري، في تصريح سابق، إن أحسن الكتب في المغرب تطبع منها 5000 نسخة لأن المبيعات ضعيفة جدا ويبدو لأول وهلة أن المغاربة ليست لهم عادات القراءة لأسباب متعددة: فالمدرسة لا تلقن ولا تعلم التلميذ القراءة. و لم تعد هناك مكتبات مدرسية بها تقاليد استعارة الكتب كما كان الشأن من قبل. ثانيا ربما المستوى المالي لشرائح كبيرة في المجتمع والقدرة الشرائية الضعيفة تجعل من الكتب آخر اهتماماتهم. ثالثا، إغراءات التلفزيون والأنترنيت التي قضت على هذه الرغبة أي رغبة القراءة. ثم يضيف، “في الحقيقة هناك أسباب متعددة وكل سبب ينحصر في جماعة معينة. ولا ننسى أيضا الأمية التي تصيب شريحة واسعة من المجتمع قد تبلغ 60 في المائة. فعندما نتحدث عن القراءة نتحدث بالأساس عن المجال الحضري أما المجال القروي فهناك غياب شبه تام لها. وحتى في المجال الحضري نجد نخبة معينة هي الوحيدة التي تهتم بالقراءة. والمغاربة ليس لهم اهتمام بقراءة كتب في إطار الثقافة العامة. أو ما نسميه قراءة اللذة, بل هناك اقتصار على قراءة تخصصية فقط”.
بالمقابل هناك من يجعل النقاش يسير في منحى آخر. فماذا لو كانت أزمة القراءة في الحقيقة أزمة كتابة, فبمجرد تصفح الكتب المغربية المعروضة نجد أغلبها كتبا تتعلق باختصاص معين لن يقبل عليها إلا القارئ المتخصص و الدارس والمهتم بالمجال الذي تنتمي إليه أو روايات تتميز بنوع من الكثافة تصل في بعض الأحيان درجات لا تطاق , ربما هي روايات متميزة ومجددة وتمتلك مقومات جمالية في بنيتها السردية والحكائية (و جميع مصطلحات النقد الأدبي الحديثة منها والقديمة) مع ذلك تبقى رواية غير مغرية بالقراءة لمتلق يريد ممارسة هوايته قبل وصول وقت نومه! لماذا إذن لا نجد كتابا يغري بالقراءة و يمنح لذة ومتعة الاسترسال فيها؟ لماذا لا نجد كتابا يقبل عليه الناس بشغف ؟ وحتى في فرنسا مثلا نجد أعلى مبيعات الكتب يحتل رتبها الأولى كتابا ليسوا أكاديميين ولم ينالوا الجوائز التقديرية الكبرى في البلاد ويفتقرون حتى لاعتراف النقاد بهم وإعارتهم أدنى اهتمام. كما هو الحال بالنسبة إلى مارك ليفي.
أما الروائي الطاهر بنجلون فيرى أن علينا تجنب الحديث عن أرقام المبيعات لأنها لا تعكس مستوى القراءة في مجتمعنا و المجتمعات العربية ككل، إذ أن الكتاب الواحد عندما يدخل بيتا عربيا فإنه يصبح في متناول عائلة بأكملها والجيران أيضا، وذلك نظرا لضعف القدرة الشرائية, هناك حقيقة مشكل العزوف عن القراءة ، ولكن أيضا هناك قراء لا نعرفهم ويوجدون خارج الإحصاءات التقليدية..

ضعف القرأءة :

يقول عبد الحميد عقار إن الحديث عن أزمة في القراءة ربما تعبير فيه نوع من المبالغة أو عدم الدقة. فما نعانيه في المغرب هو ضعف في الإقبال على استهلاك المنتوج الثقافي ككل, فكم هو عدد الذين يشاهدون المسرحيات؟ كم عدد الذين يشاهدون السينما؟ كم عدد الذين يشترون الكتاب ويقرؤونه؟ إن المسألة أبعد من القراءة ذاتها, إنها تمس بنية الاستقبال والتلقي للمنتوج الثقافي في عمقه وكليته.
وهذا أمر بالفعل يقتضي إجراءات وتفكيرا معمقا جديدا، لأن ضعف الإقبال على القراءة أو على استهلاك المنتوج الثقافي له أسباب بعضها نابع من تغير منظومة القيم التي ربما ألقت بالعديد من الأفكار السامية إلى الهامش، لعدم فعاليتها أو لعدم قدرتها على الاستجابة لما هو يومي ومنها ما يرتبط بمنظومة التعليم ومنها ما يرتبط بالعادات اليومية للمواطن المغربي.
إذ لم تترسخ بعد في المغرب ثقافة تجعل من القراءة ومن استهلاك المنتوج الثقافي عادة يومية مستحكمة وسائدة, ومن بين العناصر التي من الممكن أن تلعب دورا في التحفيز على القراءة ضرورة إيجاد استراتيجية إعلامية في المستوى المسموع والمكتوب والمرئي على الخصوص.
وبالدرجة الأساسية خلق حوافز للتشجيع على القراءة حتى ولو كان الحافز هو تخصيص حيز واسع للإشهار من أجل جعل القراءة عنصرا أساسيا في التعليم باعتباره مكونا أساسيا للمواطنة. يمكن أيضا التفكير في صيغ لمباريات وسباقات للقراءة تهم النساء والشباب تتوج بجوائز وحوافز تربط بين الإقبال على القراءة والإقبال على الحياة نفسها وإعادة التفكير فيها. هناك جهد في هذا الاتجاه ينبغي بذله من أجل إعادة الاعتبار للقراءة واستهلاك المنتوج الثقافي,
وفي الحقيقة العزوف عن الاستهلاك ليس مغربيا صرفا ولا يمكن الجزم مادامت الإحصاءات الدقيقة غير متوفرة, رغم وجود عدة بحوث لرصد وتقويم ظاهرة العزوف عن القراءة, الأسباب كثيرة ومتنوعة ولابد أن ندخل في مقدمتها الأمية، فنسبتها ما تزال مرتفعة,
ولابد أيضا أن ندخل فيها إيقاع اليومي الذي يدخل أولويات لا تدع مجالا لتحقيق رغبات ومتطلباته كالحق في الشغل والتطبيب والسكن وغيرها..
هناك أيضا غياب تصور متكامل يدرج التفكير في القراءة والمنتوج الثقافي ضمن سياق عصري ليصل إلى القراء, فكما هناك حملات إشهارية قوية حول منتوجات بعينها أو أصناف من القيم الجديدة ينبغي أن تتجه وسائل الإعلام أيا كانت طبيعتها لهذه الوجهة بتخصيص أحيان مهمة للوصلات الإشهارية للتحفيز على القراءة والمنتوج الثقافي أيا كانت طبيعته,
وربط ذلك بقيم المواطنة وقيم التمدن وقيم التواصل والانفتاح على الآخرين، لأن القراءة وإن كانت فردية فهي أداة لخلق التواصل مع المبدع لذلك الكتاب و مع المشاركين في الجريدة أو المجلة أو في برنامج تلفزيوني  ينبغي إيجاز آليات ملموسة عصرية تستثمر تكنولوجيا الاتصال المتطورة لأجل خلق دينامية أخرى والإقبال, وللإشارة للنقط أعلا لابد أن نذكرها كالتالي:          

1 سيطرة  وهيمنة وسائل الإعلام  والمواقع الإجتماعية ، فصرت ترى  طوائف  بشرية عاكفة أمام جهاز الحاسوب مبخرا في فضائه الملهي والذي يسلب منه مل وقت دون أن يدري ونعي قيمة الوقت المهدور  بين ردهات الفايسبوك والواتساب والتويتر  

 2 عدم زرع سلوك وعادة القراءة في نفوس الطلبة من الصغر ، و تتحمل الأسرة والمدرسة تبعات هذا العزوف بعدم تعاونهما في جعل القراءة من إهتمامات أطفالها ، ولا شك أن القراءة هواية وعادة وإذا مارسوها منذ الصغر تأصلت في نفوسهمة             

  3 يجب على المدارس إعتماد نشاط القراءة ووضعها في المرتبة الاولى ورصد الممافآت والجوائز التشجيعية على تلخيص الكتب ، وإجراء المسابقات حولها ،وأملا في تحبيب القراءة لنفوس الأطفال

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *