لا تكافؤ للفرص في المدارس المغربية

لا تكافؤ للفرص  في المدارس المغربية

عبد الكريم جبراوي

عند الحديث عن مبدأ ” تكافؤ الفرص ” في المدارس المغربية لصالح المتعلمين تحديدا ، فإن ذلك يقود تباعا إلى عدة مستلزمات تكون بمثابة المجس الحقيقي لوجود المبدإ من عدمه ، سواء على مستوى البنية التحتية لمؤسسات التربية والتكوين ، أو تجهيزاتها الأساسية ، أو مضمون العدة التربوية البيداغوجية ، أو على مستوى الزمن المدرسي ، أو مكونات وطبيعة المواد المدرسة ، أو التغطية المتكاملة من حيث الموارد البشرية …

فهل واقعنا يشهد بأنه  لدينا  مدرسة مغربية واحدة ، أم ترانا نتوفر على مدارس مختلفة مع وجود بعض الروابط المشتركة ؟

 لقد تم رفع شعار”  مدرسة النجاح ” لضمان تكافؤ الفرص في تعليم متميز من حيث الكم والكيف ، غير أن الشعار ذاته لم يتجسد كلية على واقع المدرسة المغربية ، وبقي مبد” تكافؤ الفرص ” قطعة ورق ضمن ملفات تعج بها الرفوف وكلاما استهلاكيا بما له من هالة فضفاضة يملأ حبره الخطابات الرسمية ..

  • 1) فعلى مستوى البنية التحتية في ترابطها مع مكونات المواد المبرمجة للتدريس ، تكاد مؤسسات التعليم الابتدائي بالوسط القروي في مجملها الأعم تنعدم فيها الملاعب الرياضية المفروض اقتران وجودها بتواجد مادة التربية البدنية والرياضة المدرسية ضمن البرنامج المدرسي وضمن استعمال الزمن الرسمي ، إذ أن انعدام الملاعب الرياضية وما يلازمها من مستودعات للملابس وحمامات للتخلص من العرق ورواسبه وتنظيف الأطراف تحقيقا للنظافة الجسدية وإعمالا للعقل السليم في الجسم السليم يجعل أمر وجود مادة التربية البدنية والرياضة المدرسية مجرد وجود اللاشيء في العدم ..، ومقارنتها ببعض المدارس في الأوساط الحضرية تتوافر فيها على الأقل ملاعب رياضية قد تكون يتيمة بلا مرافق موازية يجعلنا مباشرة وبلا أي مسحوق تجميلي أمام واقع اللاتكافؤ للفرص ..
  • 2) وعلى مستوى التجهيزات الأساسية في ترابطها مع جودة خدمات التربية والتكوين يلاحظ بكل مرارة وجود أكثر من تلميذين على طاولة واحدة في بعض المؤسسات التعليمية من خلال ما يطالعنا به الإعلام عبر مختلف منابره بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي ، ونفس الشيء يقال عن حالة بعض المقاعد والسبورات بالرغم من سعي الوزارة الوصية الحثيث لتجديد عتادها وتجهيزاتها في ظل إكراهات مالية صعبة تتعذر معها التغطية الشاملة لمجمل حجرات الدراسة بالمؤسسات التعليمية لا سيما بالوسط القروي دائما ، وهي حالات تضعنا أمام وجود اللاتكافؤ للفرص ..
  • 3) وعلى مستوى الموارد البشرية والتغطية المتكاملة فإن وجود أقسام مشتركة بمستويين أو أكثر تحت مبرر قلة الموارد البشرية أو أيضا قلة أعداد التلاميذ في المستوى الواحد ترخي بظلالها على مسألة تكافؤ الفرص بين المتعلمين في الإقليم الواحد وفي الجهة الواحدة وفي المغرب ككل ، يضاف إلى ذلك التلاميذ الذين يستفيدون من نصف حصة أو من ثلث حصة فقط في عدة مؤسسات تعليمية بعدة مناطق .. وهي كلها تشكل تجسيدا كذلك للاتكافؤ للفرص ..
  • 4) وعلى مستوى العدة التربوية البيداغوجية لما تتم المقارنة بين ما يتلقاه المتعلمون في المؤسسات التعليمية العمومية بنظيراتها الخصوصية يتضح وجود مقررات أجنبية عربية وغربية بالتعليم الخاص غير متاحة لتلاميذ التعليم العمومي ، وفي ذلك عدم تكافؤ للفرص على مستوى ما يتلقاه المتعلمون مما يمكنهم من رفع مدى تنوع وجودة ما يتعلمونه ، يضاف إلى ذلك وجود مؤسسات تعليمية عمومية بها مواد دراسية لا توجد في غيرها أو بالتدقيق الأكثر غير معممة على جميع المؤسسات التعليمية بالمغرب من قبيل مواد الإعلاميات والتربية الأسرية والموسيقى والتكنولوجيا مما يبين أن البعض المحظوظ يتلقى دروسا في البعض من هذه المواد المقررة والباقي لا حظ له في تعلمها بمبرر عدم وجود أساتذة التخصص بالعدد الكافي للتغطية الشاملة ، أو بمبرر عدم وجود القاعات المخصصة لهذه المواد بمجمل المؤسسات التعليمية ..وفي ذلك تجسيد أيضا للاتكافؤ الفرص ..
  • 5) وعلى مستوى الزمن المدرسي فإن المؤسسات التعليمية الابتدائية بالوسط القروي عند اعتماد صيغ نصف حصة أو ثلث حصة أو الأقسام متعددة المستويات يتقلص فيها الزمنى المدرسي إلى النصف أو إلى الثلث وبالتالي لا يتلقى متعلموها القدر الزمني الرسمي الذي يتلقاه أقرانهم في المؤسسات التعليمية بالوسط الحضري حيث البنى التحتية متوفرة وحيث الموارد البشرية يتم جلبها حتى لا تكون هناك احتجاجات مرئية من جانب آباء المتعلمين وأولياء أمورهم ، في حين تنشط ما تسمى بعمليات ” الضم ” من أجل ” التفييض ” تحت مسمى ” تدبير الفائض ” وتغطية كل خصاص بالمدن والمراكز القروية على حساب المناطق القروية والمناطق النائية التي ترغم أمية الآباء وأولياء الأمور على عدم المطالبة بمساواة تربوية ، وهذا أيضا نموذج للاتكافؤ الفرص ..

إن لاتكافؤ الفرص في المدارس المغربية واقع خلقه سوء تقدير الخريطة المدرسية وعدم مواكبة البناءات المدرسية وارتجالية الموارد البشرية ولا مبالاة الشؤون التربوية وتأطير المؤسسات التعليمية ، مثلما عززه عقم الاتصال والشراكات المفروض توسيع نطاقها مع المتدخلين المحليين لا سيما الجماعات الترابية بحكم الاختصاص ومجالات الاهتمام ، دون الغوص في إسناد المناصب ومدى تحقق مسألة الكفاءة المهنية العالية المطلوبة ولا التتبع الجهوي والمركزي لمدى فعالية المسؤولين ونجاعة تدبيرهم للملفات الموكولة إليهم وربط المسؤولية بالمحاسبة السنوية مما يجعل الأزمة تزداد تأزما سنة بعد أخرى …      
Jabraoui2013@yahoo.com

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *