شغب الاطفال نعمة في الصغر و نقمة في الكبر
الأستاذة، حسناء أم عبد الله
لماذا نسد خطوط التواصل بيننا و بين أبنائنا، لنواكب نموهم الجسدي و النفسي و ذلك بتشجيعنا لهم ، و مساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم و تقبل ردود افعالهم،،،
قد يسأم بعض الآباء و الأمهات من بعض تصرفات الأطفال الصغار من ضجيجهم و شغبهم اللامتناهي و الفوضى العارمة التي قد يحدثونها داخل البيت
لكن أليست هذه الضوضاء عملية بناء الثقة لدى الاطفال؟ أليس ضجيجهم احتجاجا على الآباء و منه اكتساب الأطفال القدرة على التعبير ؟
أليست الفوضى العارمة داخل البيت مبعثا للأطفال على الإحساس بالذات و من تم اكتسابهم فن اتخاذ القرارات مستقبلا ؟ أليس أليس أليس؟
ثمة مجموعة من الأسئلة تحتاج منا إلى جلسات تأمل مع ذواتنا كأباء و أمهات حتى نجد لها أجوبة تساعدنا على بناء جيل واع و قادر على تحمل مسؤولياته بعيدا عن القمع و الاضطهاد الذي يمارس عليه منذ نعومة اظافره.
لا غرابة أن العلاقة الزوجية هي علاقة جد مركبة ،قد تكون متجانسة أو غير متجانسة،،،فهي مزيج مركب بين تيارين مختلفين تماما من عادات و تقاليد و أعراف و أفكار مرسخة … ،لنقول حمولتين مختلفتين تصبان في وعاء واحد ،الصائب أن تنصهر الاثنتان لتمنحنا قالبا جميلا اسمه نواة المجتمع ألا و هي الأسرة،.
هذا لا يعني أن الأمر هو هين ، فتصور بعض الأزواج عن جهل أ ن الحياة الزوجية حياة جميلة طافحة بالسعادة و الهناء هو ما يجعلهم ينكصون على أعقابهم و بالتالي يستسلمون لدى اول تجربة يواجهونها، ،،قد يجتازونها بسلام كما قد يفشلون في تضميد الأمور.
إن تكامل الحياة الزوجية رهين بقدرة الزوجين على تجاوز المتاعب و مقاومتها بكل إرادة و ايمان بنجاح هذه العلاقة في سبيل سيرورتها و بناء أسسها و بالتالي انشاء جيل سوي …
ففن الحياة الزوجية يستدعي اشاعة الود و السلام و التربية القويمة داخل الأسرة ،و كل هذا يتأتى من قدرات الأزواج على الصبر و ضبط النفس .
إذن لندحض الأفكار المغلوطة التي ورثناها بشأن تربية الأطفال و بأن شغبهم أو احتجاجهم سلوك سيء يستحق العقاب …
فقسوتنا على أطفالنا و هم يعبرون عن مشاعرهم كيفما كانت،يحرمهم من النمو النفسي السوي و السليم و بالتالي تغلق الأبواب، و يقام ذلك السد المنيع الذي يعيق التواصل بين الآباء و الأبناء و يجعله شبه منعدم ،فنخلص مما لا شك فيه إلى نتيجة مقززة و هي تلك الحالات من الكبت لدى الاطفال التي تتطور مع نموهم الجسدي و بالتالي يصعب التخلص منها .
فبدلا من أن نستمتع كأباء بشغب أطفالنا و هم صغار أمام أعيننا فنرصد تحركاتهم داخل البيت و احتجاجاتهم و فوضاهم العارمة ،بصدر رحب و ابتسامة عريضة و تلذذ بهذه اللحظات الجميلة نطمس طفولتهم و نقمعها بصراخنا و تهديدنا و عقابنا لنرثي بعد ذلك حالهم و حال شغبهم داخل مجتمعهم من عنف و اغتصاب و تعاط للمخدرات و أخلاق فاسدة …
هنا نقف متأملين ،لنجد أن شغب هؤلاء الأبناء داخل المجتمع ناتج عن إحساسهم بالضعف و عدم قدرتهم على إدراك و فهم ما يحدث لهم من تغيير و قلة حيلتهم .
رواسب و حمولات اصطحبتهم منذ نعومة أظافرهم ،لاهم عاشوا طفولة سليمة و لا هم يتمتعون بحياة سوية … ينبغي ألا نطفئ شعلة الأمل المتوقدة داخل بيوتنا برغم المشاكل و المعيقات و الاكراهات النفسية و الاجتماعية و المادية،يجب أن نأخذ بعين الاعتبار منطق الواقع الذي يتجسد في وجود أيقونة المجتمع ألا و هم الأبناء و رجال الغد .
لنروض أنفسنا كأباء و أمهات على الصبر و كظم الغيظ داخل بيوتنا و أمام أعين أبنائنا ،فحسن الخلق من شأنه أن يفتك بكل جذور الانحراف و الفتنة قبل نمو اشواكها.