حنظلة خارج المهزلة قراءة في نص: للشاعر محمد رزيق

حنظلة خارج المهزلة قراءة في نص: للشاعر محمد رزيق

حنظلة خارج المهزلة

قراءة في نص: للشاعر محمد رزيق

-الجزء الأول-

وهو يكتب “حنظلة يعزف” مخاطرته كما سماها، محمد رزيق الشاعر الذي يعشق الصورة حد الوله ويقرأ الفلسفة بنهم المتصوف وينهل من منابع أخرى رقراقة راقية،

وإنك ترى هذا التنوع فيما شدا به في مغامرته الشعرية هذه، أقول مغامرة لأن كل نص باذخ وقصيدة منفتحة على أكثر من تأويل تكون مغامرة بامتياز،

وإنه يقال : لاشيء يعدل المغامرة، وكأني أستعير لا شيء يساوي المخاطرة..

ويقرر نيتشه فيما قرر :”اركب الخطر” ويغني الشافعي :” فالسهم لولا فراق القوس لم يصب” وها إن محمد رزيق  استعار فأصاب بمخاطرته/بنصه كبد الصورة كلما صور بكلماته سطور نصه، وأصاب نبض الفكر باللغة، لأنه حيث لا لغة لا فكر كما يقولون، وفي هذا السياق يقول كانط :

نحن لا نستطيع أن نفكر دون صور أو نحدس دون فكر

وأصاب قلب التناص بأكثر من قوس: قوس الحديث (نافق حنظلة الصحابي الجليل) والتشكيل (الطفل حنظلة لناجي العلي) والفلسفة (أكون أو لا أكون -مبدأ عدم التناقض-) في التعبير المشهور لشكسبير

وأنا أسترق السمع بأذن صاغية إلى النص الذي يبدأ هكذا:

ارحلي بعيدا ولا تتواني/

فالعطر يفوح من الزهور/

ومن الأقحوان/

… ارحلي ولا تكثرتي/

أكون أو لا أكون/

مرحا بك وألف مرحا

وفي مقطع آخر يعزف حنظلة الذي في صحبة الشاعر مؤنسا ومواسيا وحاكيا، بتعبير الشاعر نفسه:

أدار ظهره معلنا انعزاله/

صد عن العرب ونسائمهم/

لن التفت صوبكم مادامت الغواني تلهيكم/

لأن أصد أولى من شقراء تستخدمني/

وأبوها يملأ الزق خمرا من طواف الحجاج

يا لها من صورة من مال من حج البيت أو اعتمر يشرب هؤلاء الهلكى الأنخاب

وقبل هذه الصورة، نرى الشاعر يحادث المرأة/المدينة،

المرأة: يطلب منها الرحيل بلون مرح من نداء خفي ممزوج بالأمر وبلون الانكفاء على الذات في صحبة براءة الصغار يطلب الملاذ، وكأن روحه لا تحس بالحرية إلا في فردانيتها أو انعزالها،  ذلك الحال الروحي الرحب، أو في حضور الصغار والكتاب

والمدينة: مدينة العرب الآيلة للسقوط، والعرب الساقطون والمنافقون والذين هم تحت سطوة البطن وما تحت البطن لاهون والذين يداسون بالصباح والمساء بنعال الأعداء، تراهم تداعت عليهم الأمم من كل جانب، قصعة بلادهم وبناتهم اللاتي في عمر الزهرات تنهشها الكلاب والذئاب والضباع، وتراهم تاهوا في الضياع والصراع كيوم تاه اليهود أيام التيه

وصدق من قال:” ما يحدث العجب يحدث اللذة” ، فكم كانت لذتي كقاريء كبيرة وأنا مرة أخرى أسترق السمع لهذا العزف الباذخ، لهذه الرقعة الأرجوان بعبارة هوراس مؤلف (فن الشعر) :

يعانق حنظلة حنظلة الصغير/

ويرفع هامات من يعيش للأمل على الأمل/

يهفو لعبير وعرف وشذى/

يلامس الأوتار والدفوف علها تمسي بيارق

لكني كقاريء مثل الشاعر الانجليزي روبرت براوننج حين يقول: ولم ألمح بارقة كبرياء أو أمل عند النهاية الموصوفة مثل السعادة التي تأتي بها بعض النهايات (ترجمة :نسيم مجلى)

لم ألمح أنا الإنسان/ الوطن العربي الذي كان عزيز قوم فذل ولا هناك من يرحم إذ ذل، كانت الزهور  مادة وصورة ومعنى ورسما تملأ السمع والبصر على مساحات الوطن وماتت الزهور موت الحرف بعد أن يقال، ذبحت من الوريد إلى الوريد تلك الزهور (زهرة الحكم وزهرة الحرية وزهرة الكرامة وزهرة أن تحس وأنت بكامل قواك العقلية أنك إنسان، إنسان ينتمي لوطن كان في يوم ما قبلة الكل وقلب العالم) ذبحت بيد أغيلمة أمثال يزيد بن الوليد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *