حراك الريف بين دعوات الحوار الاجتماعي و المقاربة الأمنية

حراك الريف بين دعوات الحوار الاجتماعي و المقاربة الأمنية

حسناء حجيب : كثرت التحاليل و القيل و القال، و أسيل الكثير من المداد حول الحراك في الريف، و كثر الجدال و تبادل الاتهامات بالعمالة و خدمة الأجندات، و سلت الأسلحة لتصفية الحسابات السياسوية ، و انبرى من يسعون إلى تسجيل الأهداف في مرمى الفريق الآخر و ظهر ذوو النوايا الحسنة منهم والسيئة، الكل يحاول أن يستغل الحدث الذي خلق الاستثناء في تفاعل المغاربة مع طرق تدبير شؤونهم من قبل حكومات تعاقبت عليهم منذ الاستقلال إلى يومنا، حكومات انتهجت سياسات و طرق تدبير متنوعة، كل فريق حسب خلفيته و قناعاته، من يسار و يمين إلى تقنوقراط و انتهاء بحكومة ذات خلفية إسلامية كانت إلى وقت قريب تمارس المعارضة و يتعرض رموزها إلى الاضطهاد و بعض الأحيان للاعتقال.

إذن هو حراك خلق حركية و جعجعة و صدى وطني و دولي, حراك ظاهره مطالب اجتماعية و تنموية صرفة، حسب ما أكده رموزه و باطنه خدمة أجندات و رغبة وواخرى…

و بين هذا و ذاك، انتهجت الحكومة سياسة مد اليد اليمنى للحوار بشكل مباشر أو غير مباشر(عبر الوساطات) و تسلحت اليد اليسرى بعصا مخزنية غليظة انهالت على الظهور كسرت الجماجم و أسالت الدماء،

وصفُ الحال و زيادة مقال على ما كتب حول الحراك يبقى تحصيل حاصل، لن يسمن و لن يغني، و لن يغير حال ما نراه اليوم أو نطالعه حول ما يقع في جزء لا يتجزأ من وطننا الحبيب،و أكيد انه لا يوجد مغربي واحد يرغب أن تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، أوأن تسير الأمور آو تسلك مسلكا تكون نتائجه لا قدر اللهسلبية أو كما يتمنى أعداء مغربنا الحبيب.

هذا الهاجس يضطرنا إلى مساءلة أهل الحل و العقد و تدبير الشأن العام في بلدنا، هل المقاربة الأمنية و توظيف سياسة شد الحبل و تضييق الخناق هي الحل الأمثل لمعالجة هذا الحراك او غيره من المطالبات الفئوية داخل المجتمع؟؟

لا يختلف اثنان أن الحوار و مبدأ الرأي و الرأي الآخر و مقارعة الاتهام بدليل البراءة هو أنجع وسيلة ، ماكان القمع يوما حلا مثاليا، بل أثبتت التجارب الإنسانية على مر التاريخ أن استخدام القوة و توظيف المقاربات الأمنية ، لا يزيد إلا تشبث المطالبين بمطالبهم،وان الضغط لا يولد إلا الانفجار ، و أن الحكمة في الخطاب و الفصل في القول و مد اليد و رحابة الصدر و الإقرار بالخطأ و عزم النية الصادقة على تصحيح الخطأ و رتق العيب و الإشراك في تدبير الأمر هو الحل الأمثل و الطريق الأسلم,

الأمر أخذ و رد، ما كان بقدرة أهل التدبير انجازه اليوم وجب أن يبادروا بإنجازه وتطبيقه، و ما كان يحتاج إلى دراسة و تخطيط و إعداد ليس من العيب أن يقدموا وعودا و يحددوا تواريخ و ضمانات للمطالبين و ما ظني بان أهل الحراك يطالبون بحلول سحرية أو انجاز منجزات في ليلة و ضحاها.

الوطن للجميع حاكم و محكومين، ولولا المحكومين لما كان هناك حكام، و لولا التعاقدات الاجتماعية و أسس المجتمعات الحديثة، لما تعاقد الناس على تولي بعضهم شؤون التدبير،و قابلية الفئة العريضة لان تتولى زمرة منهم أمر السياسة و الحكم،و فوق كل هذا لله الأمر من قبل و من بعد.

التجارب الإنسانية اثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك انه كلما كانت الفئة المنوط إليها أمر تدبير الشأن العام صالحة نياتها، فاضلة أخلاقها، نزيهة ذممها، ليس لها من غاية إلا خدمة الناس و تحسين أحوال عيش الناس و خدمة مصالحهم، بلا خلفيات و مصالح ذاتية أو أطماع شخصية ، إلا تحقق المراد و عم الخير على الجميع حكاما و محكومين،فبالعدل في قسمة الأرزاق و النزاهة في التدبير و التفاني في خدمة البلاد و العباد يبارك الله في البلاد و يربي في الأعطيات و تعم الخيرات على الجميع.

فالعبرة ليست في تدبير الأمور بيد من حديد، وإذلال العباد و إنما برحمة ضعيفهم و محاسبة قويهم و العدل فيما بينهم و تدبير شؤونهم بما يرضي الله و يبعث الطمأنينة لديهم، هذا ما ينتظر ممن انبروا إلى سياسة و تدبير الشأن العام، و حبذا لو وضعوا نصب أعينهم، ظلمة القبر سؤال رب العباد عما فعلوا في خلقه و وضعوا الجنة و النار و الصراط ويوم عرض الصحائف أمامهم و ابتغوا من مسؤوليات ابتلوا بها اليوم و سيحاسبوا عليها غدا..

كثيرة هي الأماني و المتمنيات، و الواقع شيء آخر و لكن لن نعدم الخير في مغربنا الحبيب، بلد حماه الله من شر الفتن، و كيد الأعداء، القريب قبل البعيد، بلد قال فيه أهل العلم و المعرفة، إن كان المشرق بلد الأنبياء فالمغرب بلد الأولياء، و سيبقى إن شاء الله محفوظا بصالحيه و طيبة أهله. 

 

بلاقيود بلاقيود بلاقيود بلاقيود

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *