المغرب وإسبانيا.. عودة المياه إلى مجاريها (تقرير)

المغرب وإسبانيا.. عودة المياه إلى مجاريها (تقرير)

الأناضول: يستمر في الرباط، اجتماع اللجنة العليا المشتركة المغربية الإسبانية، الذي انطلق الأربعاء ويستمر الخميس، برئاسة رئيسي الوزراء المغربي عزيز أخنوش، والإسباني بيدرو سانشيز.

ويأتي الاجتماع بعد أزمة سياسية بين البلدين، انتهت في مارس/ آذار الماضي، بعد إعلان إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في إقليم الصحراء.

وبدأت الأزمة حين استقبلت مدريد في أبريل/نيسان 2021، إبراهيم غالي، زعيم جبهة “البوليساريو” التي تنازع المغرب على الصحراء، بـ”هوية مزيفة” ودون إخطار الرباط، وهو ما اعتبرته الأخيرة “طعنة في الظهر”.

وفي 18 مارس 2022، بعث سانشيز رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، وصف فيها مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، بـ”الأكثر جدية”، وهو ما أشادت به الرباط، وكان بدايةً لنهاية الأزمة بين البلدين.

ومنذ عام 1975، هناك نزاع بين المغرب وجبهة “البوليساريو” حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.

توجه جديد:
وقال العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “عبد المالك السعدي” الحكومية بالمغرب (شمال)، إن “الاجتماع كان مبرمجا منذ مدة طويلة”.

وأضاف في حديث للأناضول، أن ذلك “بحكم التحسن الذي حصل في العلاقات الثنائية وهو تكريس للتوجه الجديد لإسبانيا”.

وتابع: “يظهر أن إسبانيا أصبحت أكثر حرصا على تعزيز العلاقات الثنائية”.

وحول انتقادات البرلمان الأوروبي لوضع حرية التعبير في المغرب، أفاد المتحدث، بأن “التصريح الرسمي للحزب الاشتراكي الحاكم بإسبانيا، كان واضحا، وأكد أنه لن يشارك في مهزلة البرلمان الأوروبي”.

وفي 19 يناير/ كانون الثاني المنصرم، تبنى البرلمان الأوروبي قرارا ينتقد أوضاع حرية الصحافة والتعبير في المغرب، داعيا الرباط إلى “إنهاء المتابعة القضائية لعدد من الصحفيين”، و”إطلاق سراح الصحفيين المغاربة عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين”، وهو ما انتقدته المملكة بشدة.

ويقضي الراضي 6 سنوات سجن بتهمتي “اغتصاب” و”تخابر”، والريسوني 5 سنوات وبوعشرين 15 سنة بتهم “جرائم جنسية”، في حين يرى حقوقيون وإعلاميون أنهم حوكموا بسبب آرائهم وعملهم الصحفي.

موقف إسبانيا:
وأوضح الأكاديمي المغربي، أن الاستمرار في ضمان عقد اجتماع القمة بين المغرب وإسبانيا، وفق الجدولة المبرمجة سلفا “يعني أن الأمور تسير نحو الاتجاه الصحيح”.

وتابع: “المسؤولون الإسبان صرحوا خلال أكثر من مناسبة أنهم متشبثون بتحسن العلاقات الثنائية”.

وأشار إلى وجود “استمرار في تبني مواقف إيجابية من القضايا المرتبطة بالمصالح العليا للمغرب”.

وزاد: “رغم الأهمية التي أبداها الطرف الإسباني في عقد الاجتماع، فإن تأجيله المتكرر، مرده إلى كون المغرب ظل متشبثا بمطلب توضيح الموقف من القضايا الكبرى للمملكة وخاصة وحدتها الترابية”.

واستطرد: “بعد مبادرة إسبانيا لاتخاذ الموقف المناسب، عملت الحكومة الإسبانية على ترجمة الموقف داخل المؤسسات الإسبانية، مما يؤكد الرغبة الأكيدة في تطوير العلاقات الثنائية مع المغرب، وفق التوجهات الجديدة التي تفرضها المملكة”.

وشدد على أن “المغرب يحاول أن يبني علاقة شراكة وفق ضوابط جديدة، أساسها المصالح المشتركة بدل وجود طرف واحد مستفيد، بينما الآخر مجرد أداة لضمان استفادة الطرف الأول”.

ووفق بيان سابق للخارجية الإسبانية، يشارك في اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، رئيس الحكومة سانشيز بجانب 12 وزيرا.

وأُعلن عن الاجتماع في نيسان/أبريل الماضي، خلال زيارة سانشيز إلى الرباط، بعد عام من توترات دبلوماسية بين البلدين، على خلفية استقبال مدريد لزعيم “البوليساريو”.

وبلغت التوترات ذروتها، مع وصول أكثر من 10 آلاف مهاجر إلى مدينة سبتة (شمالي المغرب وتديرها إسبانيا) في مايو/أيار 2021، نتيجة تخفيف عمليات المراقبة من الجانب المغربي.

واستنكرت مدريد آنذاك حصول “ابتزاز” و”عدوان” من جانب الرباط، التي استدعت سفيرتها لدى إسبانيا كريمة بنيعيش، ولم تعد إلا في 20 مارس 2022، بعد تحسن العلاقات بين البلدين.

قضايا عالقة:
وأفاد الخبير المغربي، بأن هناك قضايا عالقة في العلاقات الثنائية بين البلدين، “لا يمكن أن تكون موضوع نقاش خلال اجتماع القمة في الرباط”.

وأضاف: “موضوع سبتة ومليلة قد لا يطرح في هذا السياق، لأن هناك سياق خاص يتسم بتوتر العلاقة مع البرلمان الأوروبي ومع بعض الشركاء التقليديين للمملكة”.

وزاد: “لا مجال للتطرق للقضايا العالقة منذ مدة طويلة، دون أن تجد حلا يرضي كل الأطراف”.

وتخضع مدينتي سبتة ومليلية الواقعتين أقصى شمالي المغرب، فضلاً عن الجزر الجعفرية وجزر صخرية أخرى بالبحر المتوسط، لإدارة مدريد، وتعتبر الرباط، المدينتين والجزر “ثغوراً محتلة”.

وذكر بوخبزة، أن “الرهان اليوم من القمة، هو وضع مبادئ وأسس العلاقة المستقبلية بين البلدين”.

وأوضح أن “المغرب يرغب أن يفهم شركاؤه بأن هناك وضع جديد يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار”.

وتوجت المصالحة بين إسبانيا والمغرب، باعتراف مدريد علناً بخطة الرباط المقترحة للحكم الذاتي بإقليم الصحراء، معتبرة إياها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *