الفيلم الوثائقي الحساني يثير أزمة كبيرة في العيون، و إدارة المهرجان تتبرأ من “نفسها”

الفيلم الوثائقي الحساني يثير أزمة كبيرة في العيون، و إدارة المهرجان تتبرأ من “نفسها”

بلا قيود: كانت فعاليات مهرجان الفيلم الوثائقي الحساني تمر كما خُطّط لها بشكل سلس وبتفاعل بين الجمهور والفنانين في مدينة العيون ، إلى أن حصل ما لم يكن في الحسبان، إذ انتفض أبناء قبيلة صحراوية محتجّين على ما ورد في الفيلم الوثائقي من مغالطات خطيرة بشأنهم، فما كان من المركز السينمائي المغربي إلا أن أمر بإلغاء حفل اختتام المهرجان، كما أعطى والي جهة العيون تعليماته الفورية بإزالة جميع اللافتات والملصقات المتعلقة بهذه التظاهرة الفنية، تفاديا للاحتقان الناتج عما ورد في الفيلم من ادعاءات.

بدأت القصة حين عرض الفيلم الوثائقي زوايا الصحراء زوايا الوطن (79 دقيقة) لمخرجته الممثلة مجيدة بن كيران، ضمن فعاليات النسخة السادسة من مهرجان الفيلم الوثائقي في العيون.

و حمل الفيلم مغالطات شنيعة وصلت حد التطاول على رمز من رموز الصحراء وهو الشيخ سيد أحمد الركيبي، حيث اعتبره الباحث والمتخصص الذي استضافته، مجيدة بن كيران، أن الشيخ سيد أحمد الركيبي كان عاقرا ولا يلد وهذا طعن في نسب وشرف أهل الصحراء قبل أن يكون طعنا في شرف ونسب قبيلة الركيبات حسب وسائل إعلامية محلية.

وأضاف المصدر ذاته أن السلطات المحلية في مدينة العيون فور علمها بالحادث، شوهدت ليلة أول أمس السبت تأمر بإزالة جميع مظاهر الدعاية للمهرجان من قصر المؤتمرات وسحب كافة الإعلانات الإشهارية المرتبط به من شوارع مدينة العيون وتوقيف المهرجان.

وجاء في تدوينة للإعلامي إدريس مبارك: مهرجانا طنجة والعيون: مسؤولو المركز السينمائي المغربي الجدد يسيئون لثوابت المغاربة، في إشارة إلى ما حصل خلال مهرجان الفيلم المغربي في طنجة، حيث وجه انتقاد لفيلم تضمن أغنية اعتبرت تمجد جبهة البوليساريو..

مصادر مطلعة قالت لصحيفة بلا قيود، أن مهرجان الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ و المجال الصحراوي الحساني بالعيون يدير إدارته المركز السنمائي المغربي ويستفيد من دعم سخي جدا يصل إلى حوالي مليون و 650 ألف درهم من المال العام.

والمركز السنمائي المغربي كان قد أعلن في بلاغ له، أن الدورة السادسة للمهرجان ستنظم ما بين 19 إلى 25 دجنبر 2022.

و تجدر الإشارة أن الفيلم قبل عرضه على الجمهور يمر بعدة مراحل، منها إدارة المهرجان التي هي مسؤولة على الاختيارات القبلية للأفلام، وآخرها لجنة التأشيرة، التي تعطي لصاحبه الموافقة والتأشيرة على عرضه..

لكن المثير في هذه القضية، أنه بمجرد وقوع المشكل، تملصت إدارة المهرجان التي هي المركز السنمائي من المسؤولية ورمتها في عنق لجنة التأشيرات لوحدها؟ وماذا عن إدارة المهرجان التي هي المركز السنمائي المغربي؟ لماذا لا تتحمل أي مسؤولية؟

مصادر الجريدة تقول: أن وزير الشباب و الرياضة السابق أوزين عندما قدم استقالته في قضية “الكراطة بالملعب” هل كان يدير لجنة المراقبة أو كان يحمل الكراطة؟ ولكن تحمل مسؤوليته كوزير مسؤول عن القطاع..

وهكذا تبرأ المركز السنمائي المغربي كرئيس المهرجان من “نفسه” و اقتصر على تحميل المسؤولية عبر بلاغ له لجنة التأشيرات فقط؟

حيث أوضح البلاغ الصادر عن المركز السنمائي المغربي نهار اليوم الإثنين:

أنه سينكب على إعداد تصور شامل لإصلاح منظومة الدعم العمومي للشريط الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني التي تم إحداثها سنة 2015، باعتبار أنها “لم تعد تستجيب للأهداف المتوخاة منها”.

وأضاف المصدر ذاته – ضمن البلاغ- أن فيلما وثائقيا من الأفلام المعروضة قد تجاوز مجال الإبداع “إلى جهل تام ومدان لشخصية تاريخية وازنة بالأقاليم الجنوبية”، وهو ما يعتبره المركز السينمائي المغربي “تجاوزا غير مسموح به في مجال الصناعة السينمائية، لا سيما وأن الأصل في الأعمال الوثائقية هو سرد الحقائق الموثقة وليس التخييل المباح بالأعمال السينمائية الأخرى، والالتزام بالحقائق التاريخية كما هي واردة بالوثائق الثابتة”.

وبعدما أشار إلى أن العمل الوثائقي المعني استفاد من الدعم العمومي سنة 2019، وتم عرض نسخته النهائية في شتنبر 2021، على لجنة الدعم المستقلة والتي تضم من بين أعضاءها ممثلا للثقافة الصحراوية الحسانية، والتي وافقت على مضمونه دون أن تثير أي ملاحظة بشأن الوقائع التاريخية الواردة به، أعرب المركز السينمائي المغربي في هذا الصدد عن “شجبه الواضح ورفضه القاطع واستنكاره العلني لهذا العمل بالخصوص وأي عمل لا يحترم الثوابت والوقائع التاريخية اللازمة في الأعمال الوثائقية مهما كانت التبريرات المقدمة من طرف صناعه”.

وأضاف المركز السينمائي المغربي أنه ارتأى كذلك عدم تنظيم حفل توزيع الجوائز بعد اختتام فعاليات الدورة السادسة من مهرجان الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني كاملة والاكتفاء بالإعلان عن نتائج مداولات لجنة التحكيم في وقت لاحق.

وخلص البلاغ إلى أنه، “وانطلاقا من هذا الوضع، يتضح أن منظومة الدعم العمومي للشريط الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني المحدثة سنة 2015، لم تعد تستجب للأهداف المتوخاة منها وبالتالي سينكب المركز السينمائي المغربي، في أقرب الآجال، على إعداد تصور شامل لإصلاح هذا الصنف من الدعم وآليات وضوابط اشتغال لجنة الدعم، وكذا التظاهرات المخصصة لعرض الإنتاجات المنبثقة عنه بما فيها مهرجان الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي الحساني” الذي يتم خلاله عرض كل الأعمال الاي استفادت من الدعم العمومي قبل سنة أو سنتين من انعقاده.

إنها قمة المهزلة بامتياز، المركز السنمائي المغربي يتبرأ من “نفسه”، ويشجب “نفسه”، والسؤال الذي يطرحه المهتمون، وماذا عن الأموال الطائلة التي صرفت على إدارة المهرجان..

هناك قاعدة تقول: من أمن العقوبة أساء الأدب، لأنه لو اتخذت الدولة إجراءات حازمة يوم مهرجان طنجة التي أُديعت فيها موسيقى تمجد “العدو” لما تكررت هذه الأخطاء التي كادت أن تنسف مجهودات الدولة في الصحراء المغربية.

هذا ما يسميه المهتمون “الطنز”. التضحية بالصغار من أجل أن يبقى الكبار دون مساءلة ولا محاسبة؟

في حين أن العديد من المهرجانات تقدم مجهودات كبيرة ولكنها تستفيد من “الفتات”..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *