السير على جسر حاد جدا

السير على جسر حاد جدا
بقلم: الشاعر توفيقي بلعيد

وتعلمت كيف أنام على حافة السرير
نصف يغفو، ونصف يطحنه الحنين
من لم يكن معتقلا مثلي
لن يتقن النوم على حد السكين..

هرَّبْتُ، خفية عن السجان، زنزانتي
وكل البرودة والزوايا والظلال..
لازلت أغزل، من بين القضبان، الأشعة الهاربة نحوي
لازلت دامي الفؤاد كحقل ورود تحفه أشواك المجازر
كلما تعثر رفيق، خبا الضوء في عيني
وأطل ضياء من حفر ومقابر
وعلا صراخ الحق من المحاجر:
“أين من غيبتهم المعتقلات والمخاف؟ ”
أذكرهم واحدا وواحدة ممن ضمدوني بدفء المحبة
حتى لا تسقط، في حفرة، عناقيد العمر اللجين..

الأنثى التي لا تتقن هدة ندوب سجين
تحتاج للكثير من الأنوثة ليشتد عود اليقين
ألف ذكر في حاجة لمبولة،
ألف ذكر في حاجة لثدي،
ومنفضة سجائر..

أنا في حاجة لعود ثقاب،
في حاجة لشرفة وستائر،
أنا الذي احترقت أصابعي
عندما غزلت الضوء ذات ظلمة،
لا أحتاج لنعوت وضمائر..
يكفيني هذا الأفق يزينه الشهداء
يكفيني حلمنا الجميل يضيئه البهاء..
أنا نزفت طويلا من طعنة غدر،
ولازلت أنزف، ولازلت أحلم بربيع قادم
وأحلم بفصول الياسمين، ولازلت
أهدهد طفلا، في داخلي، كل هذه السنين..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *