الدار البيضاء.. تحت ظلال السيوف البيضاء

الدار البيضاء.. تحت ظلال السيوف البيضاء
يا نجمة الأماسي الحزينة
إني لأتذكر شروقك يا نجمتي 
فوق البلد الآمن حيث الفؤاد هانيء أينما رنا”

هذا البلد الآمن روسيا بوشكين، بوشكين الذي غنى هذه الألحان الموقعة أعلاه.. في البلاد المحترمة كروسيا، كالدول التي تعتبر المواطن زبون والزبون في عرف التجارة ملك..البلد آمن والمواطن أكثر أمنا وأمانا هناك.. أما هنا في بلدي، بلد الله كريم، بلد الله يعطينا بركته كما يقال فلا المواطن مواطن ولا آمن ولا هم يحزنون.. لماذا هذا المقبل المغموس بالخل المنتهي الصلاحية؟ ما هذه القسوة في هذه الكلمات؟
إنه بسبب الظاهرة القديمة:السرقة، والحديثة إلى حد ما: السرقة بالسيوف التي تنتشر انتشارا وتزداد مع مرور الأيام، تنتشر كنار في الهشيم وإنها ستأتي على الأخضر -إن بقي أخضرا في هذا البلد السعيد- واليابس الطاغي على البلاد والعباد

أولا: يروي نبيل-عشريني العمر،يسكن بسيدي مومن- بينما أنا عائد إلى البيت ظهر شخص يضع سيفا على آخر ويحاول أن يغصبه محفظته والتي يبدو أنها تحتوي على حاسوب، وأنا أتقدم نحوهما كان اللص يتسرع في أمره، وإذ تقدمتهما بخطوات طار بها ومر على يميني يجري.. لم أعر الأمر كبير إهتمام ولا حاولت التدخل، لسبب بسيط أن التدخل يجلب كما يقال سين وجيم وهلم جرا

ثانيا: تروي سيدة، أم لطفلة دون العام، تسكن بعين السبع، أثناء عودتي إلى منزلي اعترض شابان طريقي وضع أحدهما سيفا أبيضا حادا على عنق رضيعتي، وخاطبني الآخر بقسوة بقوله إما الحقيبة(الصاك) وإما حياة ابنتك لم يكن مني إلا أن رميت لهما ما طلبا ولذت أنا وليس هما بالفرار.. الحقيبة كانت تحتوي على هاتف محمول ومبلغ 2000درهم..وكانت بيد رضيعتي سلسلة ذهب، من حسن حظها لم يرياها فلربما شغلتهما الحقيبة

ثالثا: بعين السبع أيضا شابة على مرمى شهر من خطوبتها بمهاجر من هولندا تعرض لها أيضا شخصان مجرمان وسلباها ما تملك من ممتلكات عينية بالإضافة إلى تمزيق أحد خديها، وصل التمزيق إلى ست وعشرين غرزة، وتخلى عنها زوجها المقبل إثر ذلك

رابعا: تروي سيدة أخرى، سرقت في شارع ببرنازيل بمقابل مفتشية شرطة على يميني ومقهى تغص بالجالسين ولا أحد حرك ساكنا، كانوا يتابعون المشهد كأن يتابعونه على شاشة كبيرة أمامهم.. المشهد : وقف أمامي بعد خروجي من البنك ومروري على الكيشي ثلاثة أشخاص يركبون تريبورتور قفز نحوي اثنان بسيوف بيضاء لامعة وضع أحدهما على عنقي والآخر على جنبي الأيسر، أخذا حقيبة اليد دون مقاومة مني بعد انهياري من الخوف وصعدا بسرعة البرق إلى الدراجة وطاروا.. وجدت نفسي نصف عاقلة، لا أرى إلا الضباب ولا أسمع إلا الهمس الآت من جهة المقهى يتردد صداها يقول إنهم سرقوها هؤلاء الأوغاد هؤلاء الأوباش.. هؤلاء السفلة

هذه نماذج فقط من قصص واقعية جرت على أرض أحياء البيضاء وتجري في شوارعها، هي غيض من فيض مما يجري بمدينة البيضاء التي تزداد اتساعا فوق اتساعها وتزداد ويلات فوق ويلاتها، من الأعلى تبدو ناصعة البيضاء، لكن من تحت هي أسود من قرن خروب كما يقال بكم الجرائم وكم الفضائح التي يمور بها ليلها على نهارها

الناس أصبحت تخاف من سين وجيم إذا هي تدخلت والشرطة، كما روت السيدة التي سرقت صباحا جهارا بحي برنازيل، تطلب هي الأخرى النجدة لقلة عددها كما تبرر قصر يدها أمام حوادث السرقة بالسيوف المنتشرة عبر أزقة المدينة وممراتها، والناس تخاف من إنتقام المجرمين بالسيوف البيضاء، حتى وإن طالتهم العدالة الإلهية بعد إمهالها لهم لعلهم يتوبون من ذلك العمل المشين الذي يستحق أن تقطع اليد الذي ترتكبه في حق الناس الآمنين، أما المسماة العدالة الأرضية فإنها تبدو وكأنها على مضض تقوم بالقصاص الخجول

السرقة بالسيوف.. السرقة بالتريبورتور وسائل جديدة تدخل بها ظاهرة السرقة مسرح أزقة البيضاء، لتدخل بذلك الخوف في قلوب المواطنين من كل أقطارها، السرقة داء ينخر جسم الدار البيضاء.. يا من بأيديهم زمام الأمر هلموا لعلاج هذا الوباء قبل فوات الأوان، فكل زقاق وكل شارع وكل حي من أحياء البيضاء يكاد ينطق اللهم لا أمن يقي شر ما يجري على أرضه من سرقات، إنه طفح الكيل اللهم فلا أمان

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *