إعادة تمثيل جريمة صهريج السواني بمكناس، والسؤال عن سبب تكاثر الأفعال الإجرامية؟
مكناس: عبد العالي عبدربي
أعيد تمثيل الجريمة التي ذهبت بحياة الطفل رضى العمري بعد زوال الأحد بالبناية المهجورة، المقر السابق لأكاديمة وزارة التربية الوطنية جهة مكناس- تافيلات بمكناس، وسط حضور حشد من الجماهير التي حلت بفضاء صهريج السواني، مسرح الجريمة، المتأثرة ببشاعة الجريمة، والراغبة في إحقاق العدالة ومتابعة الجانين.
وقد أظهرت عملية إعادة التمثيل، أن المشتبه فيهم في ضلوعهم في هذه الجريمة، على اﻷقل عنصران شاركا في العملية، في حين تم الحديث عن شخص ثالث. يتعلق الأمر بالمشتبه به اﻷول، والمسؤول اﻷول عما جرى، المعروف باسم بيور، البالغ من العمر 35 سنة، وهو من ذوي السوابق القضائية في القتل العمد واﻻعتداءات الجسدية والجنسية، أما العنصر الثاني الذي شارك في عملية إعادة تمثيل الجريمة، فهو المعروف باسم الرمجاني، القاصر البالغ من العمر 17 سنة، حسب ما ورد في بلاغ صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني في الموضوع.
هذا، وقد قام المسمى بيور باقتياد الطفل رضى من فضاء صهريج السواني إلى داخل البناية المهجورة قبل أن يدخله إلى بناية ذات مساحة ضيقة آيلة للسقوط، قرب البوابة الرئيسية للبناية، تبدو على شكل مخدع للحراسة، هناك تناوب المشتبه فيهما، رفقة عنصر ثالث ذُكر على أنه يعرف باسم الحسكة، على اغتصاب الطفل رضى قبل أن يجهز عليه بيور والحسكة، حسب إفادة الرمجاني.
الكشف عن ملابسات هذه الجريمة تم في وقت قياسي، حيث تم توقيف المسمى بيوض، ليلة اﻷربعاء وسط الجماهير التي حضرت مسرح الجريمة لحظة العثور على جثة الهالك، في حين تم توقيف الرمجاني في اليوم الموالي. وقد أجرت المصلحة الولائية للشرطة الولائية بمكناس، حسب تصريح رئيسها، محمد الغرنوق، أبحاثا وتحقيقات ميدانية مكثفة، مدعومة بالخبرات والتقنية الضرورية، كما تم الاستماع إلى كل من يمكن أن يفيد إلى فك خيوط هذه الجريمة، حيث تم اﻻستماع، حسب نفس المصدر، إلى حوالي خمسين عنصرا.
وكشفت إفادات أحد المشتبه فيهم، كون حارس سيارات أثار انتباهه دخول الجناة وخروجهم من مسرح الجريمة، وأعطى صغيرهم “رامجاني” خمسة دراهم ليكشف له عن ما يدور داخل “الأكاديمية” المهجورة. إلا أن ذلك سيكون نقطة لدخوله غمار مغامرة غير محسوبة النتائج.
ومن مفارقات الحادث أن المدعو الحسكة شارك في عملية البحث عن الطفل بعد اختفائه وقبل اكتشاف الجريمة، حسب تقارير إعلامية، في حين شوهد المسمى الرمجاني مع الحشود التي كانت على جنبات صهريج السواني لحظة اكتشاف جثة الضحية، وكان يردد مع الجماهير بدعوات لمعاقبة الجانين.
وإذا كانت مصالح الشرطة القضائية قد تمكنتمن الكشف عن الفاعلين الرئيسيين في هذه الجريمة التي هزت الشارع المكناسي، وتقديمهم للعدالة لتقول فيهم كلمتها في وقت قياسي، فإن ما يدعو إليه كل المتتبعين والمعهتمين والرأي العام المحلي، هو الوقوف على جذور الجريمة التي لن نجدها إلا في تفشي كل أنواع المخدرات بشكل علني وفي واضحة النهار، في مدينة ليس حي بني أمحمد فيه إلا صورة مصغرة لما يمكن أن تشاهده في باقي أحياء المدينة. فالجناة هم من شباب الحي التائه المتسكعين بجوانب صهريج السواني المنتشين بتخدير بمادة “السيليسيون” جهارا. محدثين فوضى نتيجة لمشاجراتهم التي لا تنتهي.
أما إذا انتقلنا إلى باقي دروب وأزقة الحي، فإن وضعها توضحه تدوينة أحد أبنائه حين سمع في الفيديو التي انتشر عن إعادة تمثيل الجريمة، المشتبه فيه الثاني وهو يقول، أنه كان في درب فران صحراوة قبل أن يتوجه إلى صهريج السواني، ومما جاء التدوينة : أثناء تمثيل الجريمة نطق المشتبه فيه الرمجاني باسم درب فران صحراوة. هذا الدرب الذي تخرج منه سابقا أساتذة مهندسون ضباط سامون في أعلى مراتب الجيش… محامون وﻻة أمن والقائمة طويلة. أصبح اليوم مرتعا للمجرمين. فبيع المخدرات بكل أنواعها ابتداء من مادة “السيلسيون” مرورا بالحشيش والكيف. الى حبوب الهلوسة القرقوبي.وهذا بيت القصيد.
هل أعين السلطات لا علم لها بهذا .أم أنها تغض البصر… للأشارة، فقد سبق و نبه بعض السكان من الخطر المخيم على هذه المناطق عامة و درب فران صحراوة ة درب سيدي بلال درب مولاي علي درب الزيتونة. درب العربي بن كروم و السويقة خاصة. بهذه الحرقة تحدث شخص واحد، وبحرقة أكثر، تحدثت الجماهير التي حجت إلى مسرح الجريمة وبحت أصواتها على جنبات صهريج السواني، مطالبة بإعدام الجناة، وداعية كذلك، وهذا هو الأهم إلى إعادة الأمن المفقود إلى المدينة الوادعة التي كانت ترفل في بهجة باﻷمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: تلك مسؤولية من؟ هل مسؤولية اﻷمن المطالب بالخروج من التحركات الموسمية واﻻنخراط في استراتيجية واضحة المعالم للقضاء على كل مظاهر الجريمة، والذي أظهر في هذه المناسبة، وفي غيرها، أنه قادر على ركوب التحدي، هل هي مسؤولية المجتمع الذي يمر أفراده صباح مساء، على ظواهر الانحلال واستعمال المخدرات، بشكل يطلب فيه المواطن بمنحه إذنا لتجاوز المتعاطين ليدخل بيته، ويسكت على كل ذلك؟ أم مسؤولية الإعلام المحلي الذي اكتفى في الغالب بدرو المصفق على ما اعتبره إنجازات، لم تكن في الواقع سوى القليل مما يجب القيام به لصالح مدينة المولى إسماعيل؟ أم مسؤولية المجلس البلدي التي يبدو أنه غير منشغل بوقف زحف الظلام الذي يزحف على كل أحياء المدينة مفضلا الاستسلام ورفع الراية البيضاء؟ إضافة إلى عجزه عن وقف نزيف مقاهي الشيشة؟ أم مسؤولية المجتمع المدني الذي استحلا لعبة المنح فتماهى مع شروطها ناسيا أدواره الحقيقية في الترافع عن المدينة وسمعتها؟؟؟