أحلام الشعب البسيطة – الجزء الأول-

أحلام الشعب البسيطة – الجزء الأول-

أحمد المعطاوي
شعبي في وطني لسان حاله لا يفتأ يردد التعبير الرائع للشاعر المغربي شفيق بوهو “أحلامي البسيطة كوابيس الآخرين”، لماذا يا ترى يثير الحلم البسيط للشعب مخاوف الآخر، الآخر الذي ليس هو الشعب، الآخر- كل مسؤول – الذي يمتص دماء الشعب ولا يشبع، الذي يجلس على أكتاف الشعب من مكان مسؤوليته ويرخي برجليه إلى أبعد مدى ويريد لينحني الشعب ما أمكن ليعلو هو ما أمكن، هنا يصبح “الآخر هو الجحيم” بتعبير الفيلسوف الفرنسي سارتر.. وإذا طرحنا السؤال البديهي هذا: وما هي هذه الأحلام البسيطة التي تشكل كوابيس لهذا الآخر الجحيم ، فالجواب كما يعلم الجميع قد طرحته وتعيد طرحه الساحات حين تمتلئ مرة مرة حين يطفح الكيل بالشعب ويخرج ينادي بها في الشوارع ثلاثة أحلام كالصلاة ليس بالكبيرة على من يفهم معناها الكبير، إنها الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، إنها مثل الأثافي الثلاث لكل وطن يحلم أن يكون زهرة الأوطان

أولا: في الكرامة

تعرف الكرامة بأنها الشعور بالعزة والرفعة والابتعاد عن كل ما يذل النفس، ولقد جاء في القرآن الكريم:” ولقد كرمنا بني آدم”، وهذه الآية من سورة الإسراء تشير إلى تكريم بني آدم بمعنى كل البشر، والمفهوم الإسلاميّ للكرامة يؤكد أنّ الإنسان خلق مكرماً منذ الجبلة الأولى ولا يجوز لأحد أن يسلبه هذه الكرامة بغض النظر عن سلطته وقوته في المجتمع،
إنها الكرامة منحة ربانية لكل إنسان على ظهر هذه البسيطة 
(كرامة الإنسان هي أمر لا يمس به، يجب احترامها وحمايتها وهي واجب كل سلطات الدولة)، كُتبت هذه العبارة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من الدستور الألماني، بمعنى أن الألمان جعلوا كرامة الإنسان حق للمواطن وواجب على الدولة تجاهه يجب عدم المساس به.

وإنه قد حدث هذا في الهند إبان استعمارها من بريطانيا، صفع أحد الضباط الإنجليز هندي فقير وحيد، كل أحزان الدنيا تلبسه من القدم إلى الرأس، فرد هذا الهندي بصفعة أقوى من التي ارتطمت بخده الأيمن، حتى سقط الضابط على الأرض فذهب هذا الأخير ليشكو الأمر إلى قائده فطلب منه القائد أن يأخذ مبلغا لابأس به من المال ويرجع ليعتذر للهندي، فلم يفهم الضابط مغزى ذلك وذهب يعتذر.. تمر الأيام يصبح الهندي لابأس عليه ولا هو يحزن ويغتني ويصبح له رهطه ومكانته في المجتمع، ثم ما كان من أمر القائد إلا أن يأمر من جديد الضابط أن يذهب إلى الهندي ليصفعه صفعة وسط كل من يحيط به فنفذ الأمر، فلم يبد الهندي أدنى حركة ولم ينبس ببنت شفة، وعند عودة الضابط مندهشا من الحدث، قال القائد: عندما رد عليك في المرة الأولى كان ما تبقى له من كل ما يملك كرامته فقط، أما الآن فقد كبلته عن الرد ما أصبح يملك غير الكرامة..

إنها الكرامة، اذا انتهكت، مفتاح أن تكون أحلام الشعب كوابيس الآخر، بالإضافة إلى الحرية المفتاح الثاني الذي يدعم الكرامة أن تقوم قومة رجل واحد، الحرية التي هي الأصل في الإنسان كما أن الأصل في الأشياء الإباحة

ثانيا: في الحرية

تقول اللبنانية غلوريا خاطر في إحدى قراءاتها :” كل كائن حي يطلب الحرية ولا فرق بين إنسان وحيوان، فالحرية مثل غريزة حب البقاء يستمات في طلبها.. ” 

الحرية، الحرية.. باب من أبواب جنة الدنيا، إذا كان الريان باب من أبواب جنة الآخرة يدخله الصائمون بصومهم، الحرية باب يدخل به الوطن الحر نعمة التطور والازدهار والإبداع، وإذا يوما ما غاب الازدهار عن وطن فاعلم أن الحرية وأدت بهذا الوطن، كما يغيب الأمان إذا ضاع الإيمان، الحرية أمان، الحرية أمانة، وإذا ضاعت الأمانة فانتظر الساعة كما سبق وقيل، وإذا ضاعت الحرية أو أصبحت تظهر وتختفي كسراب في وطن فانتظر لهذا الوطن الخراب

في غياب الحرية تعيش أيها الإنسان، لكن أقل حظا من الأنعام لأن الأنعام على كل حال هيئت لتعيش كفصيلة الأنعام خاضعة للقانون الطبيعي العام 
يقول الفاروق عمر رضي الله عنه :” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” هذا السؤال دوما سيبقى مطروحا في وجه من تسول له نفسه الأمارة وهو مفروض أن يخدم الناس من خلال منصبه (أليس خادم الناس سيدهم ) فيزيغ بهواه ليستحيي كبيرهم ونسائهم ويقتل شبابهم بتعطيل طاقاتهم ويدفعهم إلى حضن المخدرات والسرقة والتطرف واعتناق الموت بين أذرع الأمواج، وقد يدفعهم إلى صدور الثورات الدامية المقيتة..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *